د. إبراهيم: جاهزية عالية لمواجهة وباء كورونا

قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية الدكتور بسام إبراهيم أن خطة محكمة وضعت لمواجهة وباء فيروس كورونا، لافتاً في هذا السياق إلى أن مشافي وزارة التعليم العالي في كامل الجاهزية لمواجهة الظروف مهما كانت، بالتوازي مع وضع مشافي الجامعات الخاصة بتصرف المنظومة الصحية في سورية تحسباً لأي ظرف يفرضه هذا الوباء المشؤوم، مبيناً أن العمل جارٍ في الفترة الحالية على التشبيك ما بين الأكاديميين السوريين في الداخل وأقرانهم المهاجرين لتكون كفاءتهم وخبراتهم في خدمة بلدهم الأم.

الوزير إبراهيم وفي حديث للبنك والمستثمر أكد أن الوزارة تعمل على استقطاب الكفاءات السورية المهاجرة إن كان بسبب الأزمة والظروف التي مرت بها البلاد، أو لأسباب أخرى ممن درسوا في الخارج ولم يعودوا، مؤكداً في هذا السياق أن البنية التعليمية المتينة التي تأسس عليها الطالب السوري أتاحت للوزارة تعويض الفجوة الحاصلة في الكوادر التدريسية نتيجة التسرب.

كيف تم تعويض نقص الكفاءات المتسربة إلى الخارج نتيجة ظروف الأزمة؟

لا شك أن ظروف الحرب على سورية والتي استمرت أكثر من تسع سنوات أفرزت تسرب لبعض الكوادر والاختصاصات العلمية وبشكل خاص منها الطبية والهندسية، ولكن البنية العلمية المتينة التي نؤسس طلابنا عليها مكنتنا من تجاوز هذه الفجوة الحاصلة في الكفاءات من خلال تعيين أعضاء هيئات تدريسية وفنية، ففي كل عام يتم تعيين حوالي ٥٠٠ معيد من الخريجين الأوائل في كل قسم واختصاص ويتم إيفادهم داخلياً وخارجياً وهذا مستمر بشكل دائم، وفي عام 2016 لوحده عينت الوزارة ٤٨٠ عضو هيئة تدريسية، وحالياً وزارة التعليم العالي بصدد التجهيز للإعلان عن تعيين أعضاء هيئة تدريسية جدد وفق أسس ومعايير واضحة تم الاتفاق عليها في مجلس التعليم العالي حيث ستكون الأفضلية في الاختيار للاختصاصات التي تعاني النقص في الأعداد ولا سيما الكليات المحدثة والكليات الطبية.

أما من محفزات لاستقطاب الكفاءات التي حصلت على الشهادة ولم تعد؟

في هذا الموضوع أريد أن أقول وبكل وضوح أن أكثر من مرسوم تشريعي صدر خلال فترة الحرب لتسوية أوضاع الموفدين خارجياً لصالح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات ووزارات ومؤسسات الدولة الأخرى، وذلك لتسهيل إجراءات عقودهم ومباشرتهم العمل في الجهات التي أوفدتهم، وفي العام الماضي صدر مرسوم لهذا الهدف والعمل فيه مستمر حتى نهاية شهر آب من هذا العام لمن حصل على شهادة دكتوراه منذ عام 2011 وحتى تاريخ صدور المرسوم ويرغب للعودة وتسوية أوضاعه، أي أن المحفزات موجودة وتتجدد باستمرار لأن الهدف الأول والأخير استقطاب هذه الكفاءات وتوظيف علمها وخبرتها في خدمة الوطن الذي أنفق عليها حتى غدت بهذا المستوى العلمي المهم.

بصراحة هل الجامعات الخاصة مشروع تعليمي أم تجاري؟

الجامعات الخاصة هي جامعات وطنية رديفة في العملية التعليمية للجامعات الحكومية، تساهم في تخريج وتأهيل الكوادر العلمية والطبية والهندسية والعلوم الأخرى, وجميع الجامعات تعمل بإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضمن نظام إشرافي علمي محكم, حيث تم تفريغ مديرية خاصة بكوادرها بالوزارة لمتابعة قضايا الجامعات الخاصة تعليمياً وإدارياً وكذلك لجهة شؤون الطلاب ناهيك عن المؤتمرات والنشاطات الاخرى، فوزارة التعليم العالي والبحث العلمي تشرف بشكل مباشر وتقرر من خلال مجلس التعليم العالي أسس ومعايير القبول لدى الجامعات الخاصة والطاقة الاستيعابية لها، وكذلك اعتماد المناهج والخطط الدرسيّة ودراسة ملفات أعضاء الهيئة التعليمية الذين يتولون العملية التدريسية، كما وتقوم المديرية بدور الرقابة والإشراف بما يحقق المعايير الأكاديمية المطلوبة، ولا يغيب عن الذهن أن وجود الجامعات الخاصة في بلدنا قد ساهم في تدريس الطلاب تحت رعاية أهلهم وضمن وطنهم بما يحقق رغباتهم لدراسة اختصاص معين بدلاً من السفر إلى خارج القطر ودفع تكاليف مالية كبيرة, كما أن الجامعات الخاصة ساهمت في تأمين فرص عمل للمواطنين حيث أحيت هذه الجامعات المناطق التي توجد فيها من كافة النواحي لتحقيق التنمية المستدامة، وبالنتيجة فإن الجامعات الخاصة السورية هي منابر علم وطنية ورديفة للجامعات الحكومية، ولا نذيع سراً إن قلنا أنها ولاشك تحقق ريع مالي مقابل النفقات والتكاليف التي تتكبدها مقابل البناء وتجهيزات وتشغيل وصيانة مقراتها ومنظومتها بشكل مستمر.

ما دور المشافي التعليمية في خدمة المجتمع وخصوصاً في ظل فيروس كورونا؟

بالنسبة لدور المشافي التعليمية في إجراءات التصدي واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة فايروس كورونا، فقد تم التعاون والتنسيق مع وزارة الصحة وبمشاركة أطباء اختصاصيين في المجلس العلمي الاستشاري في إعداد وإصدار بروتوكولات التشخيص والعلاج والوقاية والتوعية، وكذلك تقييم الوضع من خلال عقد اجتماعات دورية ودائمة ومستمرة، وقد تم تأمين المشافي من كافة المستلزمات الطبية اللازمة, كما تم تخصيص قسم خاص في كل مشفى لاستقبال الحالات المرضية المشتبه بها لتشخيصها واتخاذ الإجراء العلاجي المناسب والملائم لحالة المريض, إلى جانب ما تم من تخصيصه وحدة سكنية في كل جامعة للحجر الصحي مع تأمين مستلزمات هذه الوحدة, وعلى المستوى المحلي في كل محافظة يتم التعاون والتنسيق ما بين رئيس الجامعة ومدير الصحة في مكان موقع الجامعة لإدارة عمل هذه الوحدة إدارياً وطبياً وفنياً، وحتى لا نجانب الحق نقول أن الجامعات الخاصة وضعت مشافيها بتصرف وزارة الصحة عند اللزوم.

أما على صعيد خدمة المجتمع بشكل عام فوزارة التعليم العالي تشرف على عمل المشافي التعليمية، وهذه المشافي تؤدي دور هام في تدريب الطلبة من الاختصاصات الطبية في المرحلة الجامعية الأولى ومرحلة الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه وفي مجال البحث العلمي والطبي، كما تقوم بتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمواطنين كافة حيث يتوفر في هذه المشافي أحدث التجهيزات الطبية ذات التقنية العالية، وقد قدمت مشافي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في عام 2019 لوحده 14 مليون خدمة علاجية وما ينوف على ١٥٠ ألف عملية جراحية، أضف إلى ذلك فإن مشفى خاص لمعالجة الأورام السرطانية يتبع لوزارة التعليم العالي وقد بلغ عدد المعالجات الكيميائية والشعاعية المقدمة فيه أكثر من ٢٠٠ الف جلسة علاجية.

ما هي خطة الوزارة في مجال البحث العلمي بعد أن أضيف إلى اسمها؟

باشرت الوزارة وحال التعديل في مهامها وضع خطة تمكينية للبحث العلمي تلائم البرنامج الوطني التنموي لـ”سورية ما بعد الحرب” الذي أقرّته الحكومة، حيث تُعنى هذه الخطة بشكل رئيسي بإعداد قواعد البيانات البحثية الوطنية من موارد بشرية ورسائل الدراسات العليا والأجهزة العلمية والبحثية ناهيك عن الكتب الجامعية، وقد أُنجز حوالي ٧٠% من هذه البيانات والعمل مستمر، كما تم ربط البحث العلمي وأهدافه بالاحتياجات التنموية الاقتصادية والاجتماعية من خلال التنسيق مع الجهات العامة والخاصة، حيث تم اعتماد ٣٠ مشروع بحثي تنموي تم الاتفاق عليها ما بين الهيئة العليا للبحث العلمي ووزارات الدولة الأخرى ضمن عشر قطاعات تنموية، كما تمّ رصد الاعتمادات المالية اللازمة لإنجاز هذه المشاريع البحثية من الموازنة العامة للدولة.

وضمن ذات الإطار تقوم الوزارة بالعمل على التشبيك بين الباحثين والأكاديميين السوريين والباحثين السوريين في دول الاغتراب، وتنفيذاً لذلك فقد عُقد خلال عام ٢٠١٩ مؤتمرين اثنين: الأول نظمته الهيئة العليا للبحث العلمي تحت عنوان “دور الباحثين السوريين في الوطن والمغترب” بمشاركة ٤٥٠ باحث منهم ٤٢ باحثا من أصل سوري في دول الاغتراب، والثاني نظمته إحدى الجامعات السورية الخاصة ضمن محور الاختصاصات الطبية وشارك فيه ٢٣ باحث من أصل سوري في دول الاغتراب، ومن منطلق الاهتمام بالباحثين الشباب السوريين وتشجيعاً لهم تم اطلاق مشروع “قفزة” لدعم المشاريع الهندسية البحثية للشباب بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقد شاركت جميع الجامعات السورية بنحو ٣٦٤ مشروعا تم قبول ٤٠ مشروع منها لجهة تركيز هذه المشاريع على تأسيس مشاريع تنموية مرتبطة بسوق العمل وقطاع الصناعة والزراعة.

وبالتوازي مع ما سبق وفي عام ٢٠١٩ شاركت الجامعات السورية بالمسابقات البرمجية على المستوى الإقليمي في جمهورية مصر العربية وقد حصلت الفرق المشاركة على مراكز متقدمة بل وتأهل بعضها إلى المسابقة البرمجية العالمية التي ستقام في روسيا.

ماذا عن التعاون العلمي والبحثي مع الدول الصديقة؟

هي ناحية تركز عليها الوزارة وتعتبرها على رأس أولوياتها، فمن خلال أذرعها التنفيذية (الجامعات الحكومية والخاصة) باشرت الوزارة إبرام وتوقيع اتفاقيات التعاون العلمي والثقافي مع الجامعات والمراكز البحثية الإقليمية والدولية ولا سيما الدول الصديقة لسورية كروسيا والهند وإيران والصين وكوبا وسواها، للاستفادة من تبادل الخبرات في تطوير الخطط والمناهج وكذلك المشاركة في المؤتمرات العلمية والتبادل الطلابي والتركيز على التأهيل والتدريب والاستفادة من المكتبات الالكترونية، والأهم هو الاستفادة من المنح الدراسية المقدمة لجامعاتنا السورية، فعلى سبيل المثال قدمت الهند في العام الماضي للجامعات السورية أكثر من ٦٠٠ منحة دراسية في مختلف الاختصاصات، وروسيا قدمت أكثر من ٥٠٠ منحة وقد تم إيفاد طلابنا إلى تلك الدول لاستكمال تحصيلهم العلمي في جامعاتها ومراكزها التعليمية.