الأولوية للإنقاذ قبل أن تغرق السفينة

بادر مصرف لبنان المركزي في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 إلى دفع 1.5 مليار دولار لسندات اليورو (اليوروبوند)، وهو استحقاق للبنان التزم بسداده بالرغم من الأوضاع المالية والنقدية الصعبة التي يعيشها البلد، والتي تركت مخاوف حول احتمال تخلف لبنان عن سداد دينه. هذه الخطوة تدل على أنه يمكن السير في خطط انقاذ للبلد اذا توافرت الارادة ومعها الشفافية في التعامل مع الأزمة التي بدأت تأخذ البلد الى المجهول. ولا شك في أن تصدي المصرف المركزي لهذا الاستحقاق يعيد بعض الثقة ويؤسس لمرحلة جديدة يتولى خلالها مصرف لبنان دور المنقذ في غياب الحكومة التي استقال رئيسها تحت ضغط الشارع.

لكن المخاوف من الانزلاق نحو الهاوية قائمة، إذ أن العملة الصعبة أو الدولار الأميركي لا يزال مفقوداً من الأسواق والضغط مستمر على الليرة اللبنانية، فيما الأسعار تخنق اللبنانيين الذين لا يتمكنون من سحب ودائعهم أو التصرف بها بسبب الأزمة. وتتفاقم الاخطار في غيب المبادرات إلى تأليف حكومة ثقة قادرة على نقل البلد الى حال الاستقرار، وتخفيف الضغط على مصرف لبنان الذي يتصرف بحكمة لكن احتياطاته تتعرض للإنهاك، في وقت يرتفع الدين العام الى مستويات قياسية.

الأولوية اليوم هي للإنقاذ، وذلك لا يتم الا مع حكومة تتولى المسؤولية وتعيد ترتيب الوضع الداخلي من دون أن تدفع المواطنين الى الجوع والغضب ومواجهة الازمات وحدهم. وهذا الرهان يتطلب تحمل المسؤولية وخوض غمار التحدي لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها على قواعد الشفافية ومكافحة الفساد والدفع بالعملية الإصلاحية الى ذروتها، قبل أن تغرق السفينة بالجميع.