البدء بإعادة الإعمار تقوي فرص الالتحاق بركبها, “ليون زكي”: هل يمكن انضمام سورية إلى مجموعة “بريكس”؟

دعا الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي المعنيين بالشأن الاقتصادي السوري إلى التفكير بشكل جدي في تحقيق الاشتراطات والمؤهلات المحفزة التي تؤهل سورية، وعلى المدى البعيد، للانضمام الى مجموعة “بريكس” BRICS، التي تأسست سنة ٢٠٠٦ وتضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، لما في ذلك من فوائد جمة على الاقتصاد السوري الذي أنهكته العقوبات الاقتصادية الخارجية بفعل الحرب الظالمة، والتي شارفت على دخول عامها العاشر.

واستغرب زكي، في حديث ل “البنك والمستثمر”، من عدم إعطاء موضوع التحاق سورية بركب “بركس” مستقبلا أسوة بتكتلي منظمة “شنغهاي” و”الاتحاد الأوراسي” الاقتصاديين، مع بزوغ بوادر لخروج البلاد من نفق الحرب، الأهمية التي تستحق في ظل دمار البنية الاقتصادية التحتية والحاجة إلى أموال ضخمة لإعادة الإعمار على كل الأصعدة: “إذ يمكّن الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية العالمية، زيادة الصادرات السورية إلى دولها، التي يشكل عدد سكانها حوالي نصف عدد سكان العالم، بما يحقق خفض العجز في الميزان التجاري معها وتوفير جزء من القطع الأجنبي لمواجهة الأعباء الاقتصادية وتحسين سعر صرف الليرة واستقرارها، علما أن دول (بريكس) تقدمت في العام الجاري على مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى على صعيد حجم الإنتاج الإجمالي الداخلي ومعادلة القدرات الشرائية بنسبة 12 بالمئة، كما يتوقع الخبراء ازدياد قوة البرازيل وروســيا والهند والصــين اقتصاديا مقارنة بمجموعة السـبع بحلول عام 2035 وتجاوز الاقتصـاد الصـيني نظيره ألأمريكي مع بداية عام 2022”.

ورأى زكي بأن فرص انضمام سورية إلى “بريكس” قد نكون معدومة في الظروف الراهنة نظرا لكونه غير مربح ماليا لدول المجموعة الاقتصادية حاليا بسبب ضعف اقتصادها وتدني نسبة نموها الاقتصادي “لكن بعد أن تضع الحرب أوزارها وبدء عملية الاعمار، ستحقق سورية اعلى نسبة نمو عالمية بفضل تهافت الدول للاستثمار فيها والمشاركة في إعادة أعمارها لعوائدها المجزية جدا، وبالتالي، ستغدو ذات جدوى اقتصادية للانضمام إلى المجموعة، بالإضافة الى موقعها الجيوسياسي الفريد عالميا، والذي استقطب روسيا للانخراط في الحرب على الإرهاب فيها وضمان استثمارات اقتصادية مربحة طويلة الأجل”.

وطالب المسؤولين الاقتصاديين بالمبادرة الى فتح معارض دائمة لسورية في دول “بريكس”، التي ترتبط بعلاقة جيدة مع أعضائها الفاعلين روسيا والصين والهند، للتعريف بالسلع السورية وتحديد الصادرات التي تمتلك ميزة تنافسية أكبر والتركيز عليها “الأمر الذي يرفع معدل نمو الصادرات الى تلك الدول مقارنة بمعدل نمو المستوردات منها، لاسيما بعد ترحيب قادة دول المجموعة بانضمام سورية إليها ودفاعهم عن سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، كما جاء في البيان الختامي لقمتهم في ١٤ تشرين الثاني الماضي في العاصمة البرازيلية برازيليا”.

ولفت الكاتب والباحث ليون زكي إلى أنه يمكن لسورية أن تستفيد في مرحلة إعادة الاعمار، التي يجب أن اعد لها العدة من الان، من مزايا “بنك التنمية الوطني” الذي أسسته “بركس” سنة ٢٠١٥ كبديل عن “البنك الدولي” برأسمال مبدئي مقداره ١١١ مليار دولار “وذلك في مجال تمويل البنية التحتية للاقتصاد السوري والذي دمرته الحرب، وبحاجة إلى مبالغ ضخمة لإعادة ترميمه، خصوصا أن الهند دعت المجموعة الى إنشاء صندوق خاص بإعادة إعمار سورية، وسبق لوزير خارجيتها (مباشار أكبر) أن أعلن في اب الماضي خلال زيارته لسورية أن بلاده مستعدة لـلإسهام بشكل نشيط في العمل على تنمية سورية وإعادة إعمارها بعد انتهاء الأزمة التي تمر بها حاليا”.

وأشار زكي إلى أن باستطاعة سورية في حال الانضمام إلى “بريكس”، تفادي العقوبات الأمريكية بأنواعها “بالامتناع عن الدولار في تعاملاتها التجارية والمالية، بعدما عززت موسكو احتياطاتها من عملات دول المجموعة العام الفائت بقيمة ١٢٥ مليار دولار وعلى خلفية توقيع روسيا اتفاقيات لاعتماد العملات الوطنية مع دول علاقاتها متوترة مع الولايات المتحدة مثل الصين وإيران وتركيا وتوقيع مصارف المجموعة المركزية اتفاقية خاصة بشروط الدعم المتبادل للعملات في إطار صندوق احتياطي للعملات، بما يحد من هيمنة دول الغرب على المؤسسات المالية العالمية”.

وبين أنه بإمكان سورية اذا ما انضمت إلى قائمة الدول التي لها امتيازات جمركية من “بريكس”، أن تحصل على حسومات جمركية من دول المجموعة لصادراتها إليها “كما حدث في تشرين الأول الماضي عند إدراج سورية ضمن قائمة البلدان التي تنال امتيازات جمركية من (الاتحاد الأوراسي)، والذي يضم روسيا أيضا، حيث حصلت صادراتها المحددة من قبل الاتحاد على حسم جمركي مقداره 25 بالمئة”.

ودعا القطاع الخاص السوري إلى تشكيل مصدرين نوعيين ومتخصصين بالقطاع الزراعي السوري، الذي يعد ثروة حقيقية تضاهي الثروات الباطنية، كصلة وصل مباشرة بين المنتج وأسواق دول “بريكس”، والتركيز على تصدير الحمضيات السورية التي تلاقي رواجا في تلك الأسواق ويمكنها منافسة مثيلتها من باقي الدول مثل التركية مرتفعة الكلفة عدا المنتجات القطنية وغيرها من البضائع التفضيلية”.

ونوه إلى أنه وعلى الرغم من امتلاك الصين المرتبة الأولى عالميا من حيث امتلاك القطع الأجنبي، حيث احتياطاتها  من الدولار ٣ تريليون دولار على حين تحتل روسيا المرتبة الخامسة دوليا ب ٤٦٠ مليار دولار “الا أن مجموعة (بريكس) مصرة على إصدار عملة جديدة تحمل اسمها لكسر هيمنة الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية العالمية، وتجلى ذلك بوضوح مع بداية عهد دونالد  ترامب  بالرئاسة الأمريكية وميله إلى ممارسة الضغوط على الدول سياسيا عبر استخدامه ورقة الدولار”.

وأضاف أن ذلك “ولّد خيار التعامل التجاري بين دول المجموعة بالعملات المحلية وخفض حيازتها للأوراق المالية الأمريكية ذات المخاوف والمخاطر في التعامل بها في المدفوعات الدولية، ولذلك شرعت الصين بتداول عقود النفط الخام في بورصة “شنغهاي” الدولية بالعملة المحلية “اليوان” في وقت أطلقت المجموعة تطبيق للهواتف المحمولة (BRICS Pay)، وهو يساعد على تسديد قيمة المشتريات عبر الشبكة العنكبوتية في دول المجموعة، مهما كانت العملة الموجودة في الحساب، الأمر الذي سيسهم في مساعدة السوريين مستقبلا في تجاوز نظام التحويلات الدولي (SWIFT) واستخدام نظام تحويلات مستقل خاص ب (بريكس) عبر عملتها المشفرة التي تسعى لايجادها، وذلك بعد انضمام سورية إلى المجموعة، وبالتالي، تخطي العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوربية فيما اذا ظلت مفروضة على بلادهم حتى بعد توقف الحرب وتحقيق انفراج ملحوظ في تطور العملية السياسية”.