عامٌ جيد من المحاصيل في سورية والتحديات مستمرة

أظهر تقرير جديد للأمم المتحدة، أن الأمطار المؤاتية في المناطق الزراعية السورية، إضافة إلى التحسن العام في الأمن، قد عززا من حصاد 2019 مقارنة بعام 2018 ، ولكن ارتفاع أسعار المواد الغذائية لا يزال يفرض المزيد من الضغوط على العديد من السوريين. وكان بعثة مشتركة بين منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي قد زارت في الفترة ما بين يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2019 ، 10 محافظات من أصل 14 محافظة في البلادلكنها لم تتمكن من الوصول إلى محافظتي الرقة وإدلب بسبب انعدام الأمن.

زيادة في إنتاج القمح والشعير

وبحسب تقرير البعثة، يُقدر إنتاج القمح لهذا العام بحوالى 2.2 مليون طن متري، مقارنة بإنتاج العام 2018 الذي كان الأدنى على مدى السنوات ال 29 السابقة والبالغ 1.2 مليون طن، لكنه لا يزال أدنى بكثير من متوسط الإنتاج ما قبل الأزمة والبالغ 4.1 ملايين طن أي الفترة بين 2002 – 2011. أما إنتاج الشعير، والمقدر ب 2 مليون طن متري، فقد ازداد 5 أضعاف عما كان عليه في عام 2018 ، متجاوزاً متوسط مستويات الإنتاج التي تم تحقيقها قبل الأزمة بأكثر من 150 %. وبالرغم من ذلك، شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً تدريجياً خلال الأشهر الماضية ( 12 – 14 شهراً ) ويعُزى ذلك بدرجة كبيرة لارتفاع أسعار الوقود محليا وانخفاض قيمة الليرة السورية بشكل مستمر في سوق الصرف غير الرسمية. ولا يزال الأمن الغذائي يمثل تحدياً خطيراً بسبب استمرار الأزمة المحلية، والنزوح الجديد والمطوّل، وزيادة أعداد العائدين الجدد، والضعف المستمر لقدرة المجتمعات المحلية على الصمود بعد نحو 9 أعوام من الأزمة.

معاناة الأسرة السورية

يقدر أن حوالى 6.5 ملايين شخص في سورية يعانون من انعدام الأمن الغذائي وبحاجة إلى الغذاء ودعم سبل العيش. كما أن هناك 2.5 مليون شخص إضافي معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي والحاجة إلى دعم سبل كسب العيش لتعزيز قدرتهم على الصمود. وذكر التقرير، أن قلة فرص العمل وارتفاع أسعار الوقود والسلع يؤديان إلى الحد من القدرة الشرائية للأسر، ما يتسبب في تبني استراتيجيات تكيف سلبية مثل استهلاك أطعمة غير مفضّلة لكن أقل كلفة، أو خفض عدد الوجبات اليومية، أو سحب الأطفال من المدارس والحاقهم بسوق العمل. وقال العائدون في محافظات حلب وحمص ودير الزور، إن البالغين في معظم الأسر قد استغنوا عن البيض ومنتجات الألبان حتى يتمكن أطفالهم من تناول الأطعمة الغنية بالمغذيات الدقيقة بدلاً من ذلك.

تحديات المزارعين

في العامين 2018 – 2019 ، سجلت بعض المناطق هطولاً للأمطار يزيد عن ضعف المتوسط السنوي. ويشير التقرير إلى أن الأمطار الغزيرة أدت إلى زيادة في إنتاج الفاكهة والخضروات، بالرغم من خسارة بعض الإنتاج بسبب التلف العائد لارتفاع أسعار الوقود وانعدام الأمن المحلي ونقص شاحنات التبريد، ما أعاق وصوله إلى الأسواق. وازدادت وتيرة الحرائق وكثافتها في الحقول الزراعية في عام 2019، وذلك أمر اعتيادي أثناء الحصاد، حيث قدّرت الحكومة احتراق حوالى 85 ألف هكتار من المحاصيل. وعلى الرغم من أن الحرائق العرضية أمر مألوف، إلا أن هناك أدلة تشير إلى أن بعض الحرائق قد تم إشعالها بشكل متعمد، لا سيما في المناطق التي لا تزال تشهد حروبا مستمرة. وبفضل الإمدادات الصغيرة التي قدمتها المؤسسة العامة لإكثار البذور، إضافة إلى تحسن القدرة الشرائية في الأسواق، واقتراض البذور واستخدام بعض البذور المحفوظة من العام الماضي، هدأت المخاوف من أن تؤدي قلة الحصاد في العام الماضي إلى نقص في البذور.
كما عانت تربية النحل خلال الأزمة معاناة شديدة، وهناك مخاوف بشأن وفيات النحل الناجمة عن إساءة استخدام المبيدات الحشرية، ونقص قنوات التسويق لمنتجات العسل والنحل لضمان سبل عيش قابلة للاستمرار.

 

*****************************************************

مجلة البنك والمستثمر

العدد226 تشرين الاول 2019