خربوطلي: مشاريع استراتيجية لتوليد الطاقة وزيادة الإنتاج

 قال وزير الكهرباء السوري المهندس محمد زهير خربوطلي أن الوزارة وضعت خططاً استراتيجية لتوليد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية سواء التقليدية منها أم المتجددة، لافتاً إلى أن الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على سورية أثّر سلباً على كميات الطاقة المولَّدة لجهة النقص الحاصل في الغاز والفيول اللازمين لتوليد الكهرباء. وأكد خربوطلي في حديث لمجلة البنك والمستثمر أن توسع رقعة المناطق المحررة أعاد وصل ما تقطع من أوصال الشبكة الكهربائية العامة في سورية لتعاود سيرتها الاولى شبكة واحدة، مبيناً أن مشروع الربط الكهربائي الثلاثي بين سورية والعراق وإيران، سيسهم كثيراً في مد الشبكة السورية بالكهرباء، وكاشفاً عن موعد وضع المشروع في الخدمة خلال الشهر السادس من السنة 2020.

ألم يشهد واقع الكهرباء تحسناً بعد ما اتسعت رقعة المناطق المحررة؟

منذ بداية الحرب كان عمال الكهرباء رديفاً حقيقياً للجيش العربي السوري، فأينما يتم التحرير تراهم خلف الجيش لإصلاح المنظومة الكهربائية التي دمرها الارهابيون، وإعادتها إلى ما كانت في سابق عهدها، ولا يخفى أن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالكهرباء منذ بداية الحرب تجاوزت قيمتها الفعلية الـ 5 ألاف مليار ليرة سورية ما بين محطات توليد وخطوط نقل ومحطات ومراكز تحويل، وحتى عدادات المشتركين طالها تخريب الإرهاب وسرقاته. ورغم أن عمل وزارة الكهرباء كان في البداية أقرب إلى وزارة طوارئ لما تقوم به من أعمال الإصلاحات والصيانات وإعادة الوضع كما كان عليه بعد تخريب الإرهابيين له، ولكن وبعد بسط الأمان عبر الجيش تنفسنا الصعداء، وقمنا برسم خططنا لاستراتيجية مستقبلية لقطاع الكهرباء من أجل إعادة كميات التوليد إلى ما كانت عليه قبل الحرب، لأن محطات التوليد وكمياتها أصيب منها ما يقارب الـ 60% بالأضرار، فخططنا لهذه الاستراتيجية إن كان صوب الطاقات التقليدية أم المتجددة، فبالنسبة للطاقات التقليدية نعمل حالياً على مشاريع استراتيجية مثل توسع مشروع توليد دير علي بطاقة 750 ميغا واط، وتوسع مشروع تشرين باستطاعة 400 ميغا واط ومحطة توليد اللاذقية باستطاعة 540 ميغا واط، مع إعادة تأهيل المجموعتين في التيّم باستطاعة 60 ميغا واط، وكذلك إعادة تأهيل المجموعات الخمس في محطة توليد حلب الحرارية باستطاعة 1065 ميغا واط. وضمن الإطار ذاته أعلنا عن تنفيذ مشروع محطة توليد في حلب باستطاعة 600 ميغا كما أعلنا عن تنفيذ مشروع محطة توليد في دير الزور باستطاعة 300 ميغا واط. ومن خلال كل هذه المشاريع نقول أننا سوف نعيد قيمة التوليد كما كانت عليه قبل الحرب الى 9 ألاف ميغا واط حتى مدة أقصاها عام 2023.

أما في ما يتعلق بالطاقات المتجددة، فقد وضعت وزارة الكهرباء استراتيجية خاصة بها وتمت المصادقة عليها من قبل رئاسة مجلس الوزراء في الشهر العاشر من العام 2019، كون هذا النوع من الطاقات يشكل المستقبل لأنها طاقة مستدامة. وعن مضمون الاستراتيجية فقد خططنا حتى عام 2030 بحيث نكون إلى وقتها قد نفذنا 1500 ميغا واط شمسي و900 ميغا واط ريحي و1,2 مليون سخان شمسي، بالتوازي مع إطلاقنا قوانين وتشريعات عدة لأجل تشجيع المستثمرين على المشاركة في هذه المشاريع، فقبل الاستراتيجية كان المستثمر هو من يؤمن الأرض اللازمة للمشروع، أما الان فتأمين الارض بات مسؤولية وزارة الكهرباء، وقبل الاستراتيجية كان المستثمر هو من يقوم بربط منشأته بالشبكة الكهربائية، أما الأن فعلى نفقة وزارة الكهرباء. إذاً هناك محفزات ومغريات للمستثمرين على الاستثمار في الطاقات المتجددة.

وفي المجمل لا خوف على قطاع الكهرباء، فلدينا حالياً مجموعة من محطات التوليد متوقفة عن العمل بسبب الحرب والحصار والعقوبات الاقتصادية على حوامل الطاقة، ولكن إن توفرت حوامل الطاقة استطعنا تشغيلها وإدخال إنتاج اضافي يقدر بحوالى 1500 ميغا واط، ولكن الحرب استهدفت كامل قطاع الطاقة سواء النفطي أم الكهربائي أو حتى المائي.

كم تحتاج محطات التوليد من الفيول والمازوت والمحروقات يومياً؟

خلال مرحلة ما قبل الحرب كانت محطات توليد الكهرباء تستهلك كمية 15 ألف طن من الفيول و21 مليون متر مكعب غاز بشكل يومي، أما اليوم فما يتوفر لدينا لا يتجاوز 11 مليون متر مكعب من الغاز فقط من أصل الكمية السابقة البالغة 21 مليون متر مكعب. والفيول أيضاً له شجونه الخاصة بسبب الحصار الاقتصادي الجائر أحادي الجانب المفروض على الشعب السوري، فالنواقل كلها محاصرة وبشدة من أجل منع وصولها إلى سورية، ولكننا نعمل بإمكاناتنا وبكل الجهود الممكنة من أجل تلبية الطلب على الكهرباء وتأمينها بالشكل المقبول للمواطن.

ألم يحن وقت المباشرة بمشروع الربط الكهربائي الثلاثي بين سورية والعراق وإيران؟

هو قيد التنفيذ حالياً ولن يكون متأخراً في الخدمة، وقد كان وزير الكهرباء في إيران منذ فترة قصيرة حيث وقعنا خلال زيارة العمل هذه على اتفاقية بين سورية والعراق وإيران. ولتهيئة البنية التحتية اللازمة لتفعيل خط الربط الثلاثي لا بد من تأهيل النقاط التي تعرضت للأضرار في بعض المناطق، ولذلك أعلنا حالياً عن إعادة تأهيل خط التيّم (في سورية) القائم (في العراق) بطول 125 كلم توتر 400 كيلو فولت وتكلفة تصل إلى حوالى 82 مليون ليرة سورية، لتحقيق الفائدة القصوى من الربط في تبادل الكهرباء، فعند النقص لدى العراق مثلاً نعطيها الكهرباء من سورية أو من إيران والعكس صحيح، وكذلك إن نقصت الكهرباء لدى سورية تحصل على حاجتها من العراق كون مواسم الذروة بين البلدين متفاوتة فهي صيفاً في العراق وشتاءً في سورية، بحيث يبقى التيار مستقراً والاحتياجات مؤمنة على مبدأ الأواني المستطرقة. ومن المتوقع انتهاء التحضير لهذا الخط وتشغيله في حزيران من العام 2020، ولا شك في أن هذا الربط سيساعدنا نسبياً في تامين الكهرباء بشكل أفضل لكل المناطق المحررة، كون الكهرباء حالياً ليست مثالية بل مقبولة ولكننا نطمح للأفضل. ورغم الحرب فقد أعدنا التيار الكهربائي الى المناطق المحررة مثل حلب في 2017 وكذلك أحياءها المحررة بالحدود المقبولة وأيضاً أرياف حلب ودير الزور وأريافها والميادين وحاليا البوكمال، والريف المحرر من الرقة مثل محطة البو حمد وكذلك أرياف حمص وأرياف حماه، والأن ريف إدلب في خان شيخون ومورك وسنجار، وأمنّا الكهرباء للقنيطرة وريف دمشق في الغوطة الشرقية وجبل الشيخ، والغوطة الغربية في بلودان والزبداني وبقين ومضايا، وهذا يتطلب جهودا كبيرة ودعما حكوميا ونفقات هائلة من أجل عودة الكهرباء ومنظومتها المتكاملة بكل تفاصيلها.

كيف تحسن واقع الكهرباء في ظل محدودية تراجع كميات التوليد؟

لدينا في الشبكة السورية خطوط كهرباء بطاقة 400 و230 كيلو فولت وكل مساراتها كانت مقطعة في المقاطع الموجودة في مناطق المسلحين، وعليه كانت الشبكة كلها مقطعة، فقبل الحرب كانت شبكاتنا كلها موصولة على شكل شبكة واحدة في طول سورية وعرضها، ننقل الطاقة عبرها أينما أردنا من السويداء إلى اللاذقية مثلاً ومن الحسكة الى درعا، ولكن بوجود المسلحين في بعض المناطق تقطعت أوصال الشبكة وباتت كل مجموعة منها على شكل شبكة محلية نوعاً ما، الأمر الذي أفرز ضعفها لأن الانقطاع الحاصل في محافظة لا يمكن أن يتم تداركه بتحويل الطاقة من محافظة أخرى إلى منطقة الانقطاع، ما جعل من هذه التقطيعات نقاط ضعف تعتري الشبكة الكليّة، ولكن عند تحرير الجيش العربي السوري للمناطق أعدنا تشبيك المنظومة في كل منطقة محررة بالشبكة العامة، فازدادت قوتها تدريجياً لتقترب مما كانت عليه قبل الحرب من حيث الاتصال وإمكانية تحويل الكهرباء، ناهيك بما كانت تتعرض له محطات التوليد من هجوم في كل يوم مثل محطات محردة ومحسّة والزارة وتشرين، وكلها كانت ضمن المناطق الساخنة ما أفرز المزيد من عدم استقرار الكهرباء، ولكن بعد تحرير جيشنا الباسل لمناطق وجودها عادت محطات التوليد تعمل باستقرار وشبكاتنا باتت أفضل وتتمتع بصيانة دورية، وبعبارة أخرى فالجيش هو صاحب الفضل الأول في تحسّن الكهرباء، وثانيهما الدعم الحكومي لجهة توفير السيولة المالية حتى تمكنّا من تنفيذ مشاريع كبيرة، بالتوازي مع تأمين الحكومة  لنا الوقود من غاز وفيول يومياً، فمع كل إشراقة شمس تدفع الدولة 3 مليارات ليرة سورية ثمناً للفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد، وأخيراً الجهود التي تبذلها كوادر وزارة الكهرباء وخاصة التوليد، فرغم الحاجة للشركة المصنعة في أية عمليات إصلاح إلا أن كوادرنا باتت الأن تقوم بعمليات الإصلاح، وخبراؤنا يصنعون القطع التبديلية التي تضمن استمرار عمل التوليد، سيما وأن الحصار يمنع وصول أية قطعة تبديلية من القطع اللازمة لاستمرار عمليات التوليد الكهربائي مهما صغرت وقلّ شأنها. ولعل المتتبع لسير الأمور في سورية خلال السنوات الثماني الأخيرة، يلحظ تطور الأمر من فوضى إلى مسلحين إلى حصار اقتصادي، والأن يشتد هذا الحصار أكثر فأكثر لكونها باتت مرحلة الحرب الاقتصادية المباشرة وهي أصعب أنواع الحروب، ولكننا منتصرون، فرغم ما حصل لدينا لا يزال وضعنا الكهربائي أفضل ونسعى لأن نكون أفضل مما نحن عليه الأن لأن المواطن السوري يستحق الأفضل لصموده ووطنيته واحتضانه للبلاد.

 

مجلة البنك والمستثمر

العدد 229 – كانون الثاني 2020