معرض دمشق الدولي “رسالة سورية إلى العالم”

بمشاركة 38 دولة وما يزيد على 1700 شركة محلية وعربية وأجنبية وعلى مساحة تتجاوز 105 آلاف متر مربع انطلق معرض دمشق الدولي بنسخته الواحدة والستين على أرض مدينة المعارض في رعاية رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد بشعار “من دمشق إلى العالم”، وقد ناب عن الرئيس الأسد في افتتاح المعرض رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس، في حضور وزراء من لبنان وإيران والقرم وأبخازيا وسفراء وديبلوماسيون عرب وأجانب وعدد من أعضاء مجلس الشعب والاتحادات المهنية وشخصيات سياحية ونقابية ومهنية وممثلون عن الشركات المشاركة ووفود تجارية وصناعية وإعلامية عربية وأجنبية.

تنوع الاقتصاد السوري

في كلمته خلال حفل افتتاح الدورة الثالثة للمعرض بعد توقف استمر لسنوات خمس نتيجة الإرهاب نقل المهندس خميس للحضور محبة الرئيس بشار الأسد وترحيبه بضيوف سورية، وتقديره العميق للجهود التي بُذلتْ على مدارِ الأشهرِ الماضيةِ لانعقادِ هذهِ الدورةِ بالصورةِ التيْ تليقُ بانتصاراتِ سوريةَ وجيشِها، موضحاً أن الحربُ التي تعرضتْ لهَا سورية لم تكن ذاتَ طابعٍ عسكريٍّ وسياسيٍّ فحسبْ بلْ كانتْ في جانبٍ مهمٍّ مِنهَا حرباً إرهابيةً اقتصاديةً جسدتها عملياتُ التخريبِ والتدميرِ المُمنهجَةِ للمنشآتِ والمعاملِ والممتلكاتِ العامّةِ والخاصّةِ وعملياتُ النهبِ والسرقةِ للمواردِ والثرواتِ الطبيعيةِ وجسدتهَا كذلكَ العقوباتُ الاقتصاديةُ الخارجيةُ الظالمة، معتبراً ان وجودُ الاقتصادٍ القويٍّ المتنوعٍ المبنيٍّ على تعدديةٍ واسعةٍ وتكامليّةٍ ووجودُ مؤسساتٍ عامّةٍ وخاصّةٍ إنتاجيّةٍ وخدميّةٍ مُتماسكةٍ وراسخةٍ بانتمائها الوطني والكفاءات والخبرات التي بقيتْ على عهدِهَا وإخلاصِهَا لسورية، لما كان صمود سورية وتجاوزِها لكلِّ ما حيكَ ويُحاكُ علانيّةً وسرّاً ضدَّ لقمةِ عيشِ المواطنِ السوريِّ وثرواتِ ومواردِ وطنهِ مؤكدا أن معرضُ دمشقَ الدوليّ بأجنحتهِ  ومشاركيهِ إحدى تجلياتِ الصمودِ الاقتصاديِ المُذهلِ للشعبِ السوريِّ.

استراتيجية الصمود المُحكمة

وأكد رئيس مجلس الوزراء أن في صمود سورية بنى الرئيس بشار الأسد استراتيجيته على ركائز ثلاث أولها العملُ على تأمينِ احتياجاتِ الشعب الأساسيةِ مِنْ سلعٍ وخدماتٍ وضمانِ توفرهَا في الأسواقِ المحليةِ سواءً عبرَ إعادةِ دورانِ عجلةِ الإنتاجِ المحليِّ للمنشآتِ بمختلفِ قطاعاتِهَا وأشكالِهَا )مبيناً أن الحكومةُ قطعت شوطاً كبيراً في هذا الشأنِ( أو مِنْ خلالِ استيرادِ ما لا يُنتجُ محليا ومَا يتطلبهُ ذلكَ مِنْ جهودٍ خاصةٍ في ظلِّ العقوباتِ الغربيةِ الجائرةِ المفروضةِ على سوريةَ مُنذُ الأيامِ الأولىْ للحربِ، أمّا الركيزةُ الثانية،ُ فكانتْ في مواكبةِ انتصاراتِ الجيش العربي السوري لإعادة الحياةِ بمختلفِ أشكالِهَا وألوانِهَا إلى المناطقِ المُحررةِ عبرَ إصلاحِ بُناهَا التحتيَّةِ ومرافِقِهَا الخدماتيَّةِ انطلاقاً مِنْ التزامِ الدولةِ واجباتِهَا ومسؤولياتهِ ا تجاه كلِّ مواطنٍ سوريّ وهذا مَا أثمرَ لاحقا عنْ عودة الملايين مِنَ المُهجرينَ إلى مناطقِهِمْ وأعمالِهِمْ. الركيزة الثالثة وفق خميس، لا تقل أهمية عن الركيزتينِ السابقتينِ، لجهة ان ما ينتظرُ البادَ في مرحلةِ مَا بعدَ الحربِ قَدْ يكونُ أخطرَ ممّا واجهَتهُ خلالَ سنواتِ الحربِ، لذلكَ لا بدَّ مِن الاستعدادِ لتلكَ المرحلةِ لأنَّ الخيار الوحيدَ المتاحَ أمامَ السوريينَ هوَ وأدُ الموتِ واستيلادُ الحياةِ والنجاحِ.

مشروعات تنموية شاملة

وانطلاقاً من ذلك، يقول خميس، إنَّ الحكومةَ عملتْ خلالَ الفترةِ الماضيةِ على ملفاتٍ عديدةٍ مِن شأنِها توفيرُ الأرضيةِ المناسبةِ لتلكَ المرحلةِ والتي بدأتْ فعلاً مع تنفيذِ مئاتِ المشروعاتِ التنمويةِ في مُختلفِ المحافظاتِ وإعادةِ هيكلةِ دورِ مؤسساتِ الدولةِ بما يصونُ ويرسِّخُ انتصاراتِ الجيش العربي السوري ويحقِّقُ التطلعاتِ المستقبليةِ المشروعةِ للشعبِ السوري.

مشاريع التعاون الاقتصادي

وأشار رئيس مجلس الوزراء في كلمته إلى أن هاجسُ سورية منذ الدورةِ الأولى لمعرضِ دمشقَ الدوليِّ قبلَ نحوِ خمسةٍ وستينَ عاماً كان تعزيزَ مجالاتِ التعاونِ الاقتصاديِّ والتجاريِّ بينَ مُختلفِ دولِ المنطقةِ والعالمِ وفتحَ آفاقٍ جديدةٍ لتبادلِ الخبراتِ والمعارفِ، واليومَ يعودُ معرضُ دمشقَ الدوليُّ ليكملَ مِن جديدٍ رسالتهُ الاقتصاديَّةَ والاجتماعيَّةَ والثقافيَّةَ والحضاريَّةَ وليكونَ صلةَ الوصلِ بينَ الشرقِ والغربِ وجسراً للتبادلِ التجاريِّ والتعاونِ الاستثماريِّ والثقافيِّ بينَ الشعوبِ الحرةِ ومنصَّةً لتعاونٍ اقتصاديٍّ إقليميٍّ ودوليٍّ يحفظُ للشعوبِ ثرواتِهَا ومواردِهَا ويُعززُ مِن علاقاتِهَا التجاريَّةِ والاستثماريَّةِ البينيَّةِ، مؤكداً ان سوريةَ ترحبُ بكلِّ مشروعٍ للتعاونِ الاقتصاديِّ ثنائيّاً كانَ أم جماعيّاً، لا سيما وأن سورية وهيَ تتحضرُ لمرحلةِ إعادةِ الإعمارِ والبناءِ، تزخرُ حاليّاً بفرصٍ استثماريَّةٍ مُغريةٍ تدعمُهَا جهودٌ حكوميَّةٌ مكثفةٌ لتوفيرِ بيئةٍ تشريعيَّةٍ وإداريَّةٍ مُحفزةٍ ومُشجعةٍ للاستثمارِ المحليِّ والأجنبيِّ، معتبراً ان معرضُ دمشقَ الدوليُّ يشكل فرصةً للمشاركينَ والضيوفِ للاطلاعِ على تلكَ الفرصِ وتطوراتِ المناخ الاستثماريّ في سورية.

فرصة استثمارية مهمة

المدير العام للمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية غسان الفاكياني أوضح في كلمته خلال الافتتاح أن مساحات العرض تجاوزت في دورة هذا العام 100 ألف متر مربع ووصلت الى 105 الاف متر مربع بمشاركة 38 دولة عربية وأجنبية و 1700 شركة، مؤكدا أنها أكبر الدورات مساحة في تاريخ دورات معرض دمشق الدولي، ومعربا عن أمله في أن تحقق هذه الدورة الأهداف المرجوة في التواصل وتبادل المنتجات وتوقيع العقود وإبرام الصفقات والاطلاع على المنتجات المحلية وفرص الاستثمار في سورية، وأن تحقق هذه الدورة من المعرض أيضا الأهداف المرجوة في زيادة تبادل المنتجات وإبرام العقود والصفقات، والاطلاع على الصناعة السورية مع دخول الاقتصاد السوري مرحلة التعافي، وكذلك التعرف إلى الفرص الاستثمارية الموجودة في سورية.

استمرار الرسالة الاقتصادية

ولفت الفاكياني إلى أن فريقاً من الخبراء والمهندسين العاملين المهرة عملوا من أجل أن تكون فعاليات المعرض وأقسامه مناسبة للفرح وفرصة للتعرف على ما يحمله الأصدقاء من بديع صناعاتهم ومنتوجهم الوطني الفاخر وليكون نافذة مضيئة للعالم ليتعرف من خلالها على دمشق الصمود والعراقة والثقافة والصناعة والمحبة والسلام، مؤكدا أن معرض دمشق الدولي سيستمر حاضرا برسالته النبيلة الاقتصادية والإنسانية.

طريق الحرير

وبعد الكلمات الرسمية تم عرض وثائقي قصير عن تاريخ معرض دمشق الدولي منذ انطلاقته وقُدِّم عرض لتاريخ طريق الحرير الذي يعتبر الطريق التجاري الأقدم في العالم الممتد عبر دمشق إلى الصين عبر لوحات فنية تمثل تاريخ وتراث الدول التي يمر بها طريق الحرير لا سيما الصين وإيران كما قُدمت فقرة فنية لفرقة تمثل الفن الروسي إلى جانب عمل مسرحي راقص بعنوان “من دمشق إلى العالم” شاركت فيه فرق عدة فنية وكورال جرحى الجيش العربي السوري. وبعد الافتتاح، جال رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس بصحبة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل على مجموعة من الأجنحة اطلع خلالها على انواع المنتجات المشاركة في المعرض واستمع من القائمين على الأجنحة إلى شروحات عن مشاركات بلادهم وقطاع الاعمال فيها.

المشاركة اللبنانية

وفي إطار المعرض وحفل افتتاحه الذي حضره على المستوى الرسمي من لبنان وزراء المالية والزراعة والدولة لشؤون مجلس النواب، اعتبر وزير المالية اللبناني علي حسن خليل أن المشاركة الواسعة في معرض دمشق الدولي لا سيما الحضور اللبناني على المستويين الرسمي والخاص تؤكد أهمية وعمق العلاقة بين البلدين داعيا إلى تكريس العلاقة الأخوية بين سورية ولبنان أكثر لما فيه مصلحة البلدين في المرحلة المقبلة، في حين أكد وزير الزراعة حسن اللقيس أن اللبنانيين والسوريين شعب واحد في بلدين ولا يمكن لأحد أن يفصلهما.

مجتمع الأعمال الإماراتي

وعلى هامش احتفال افتتاح المعرض وفي تصريح للصحافيين قال رئيس غرفة تجارة وصناعة الشارقة نائب رئيس اتحاد غرف الإمارات عبد الله سلطان العويس، ان مشاركة الإمارات بوفد يضم 40 من رجال الأعمال يمثلون توليفة من القطاعات الصناعية والتجارية تأتي لدفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين نحو الأمام خصوصا وأن هناك الكثير من رجال الأعمال الإماراتيين يرغبون في عقد شراكات تقوم على المنفعة المتبادلة وزيادة حجم التبادل التجاري. أما الأمين العام لاتحاد غرف الإمارات حميد محمد بن سالم، فأكد جهوزية الإمارات من الناحية القانونية والفنية لنفاذ المنتج السوري إلى أسواقها وكذلك نفاذ المنتج الإماراتي إلى سورية لافتا الى ان معرض دمشق الدولي يعتبر فرصة غاية في الأهمية لاطلاع الجمهور السوري ومجتمع الاعمال في سورية على المنتجات الإماراتية بمختلف أنواعها، معتبرا أن مشاركة 26 شركة إماراتية في الدورة 61 لمعرض دمشق الدولي دليل حقيقي على إقبال المنتجين الإماراتيين نحو السوق السورية.

10 شركات جزائرية

ومن الجزائر، اعتبر مدير الجناح الجزائري زويوش عبد الرحمن في تصريحه للصحافيين أن الهدف من المشاركة في الدورة الحالية لمعرض دمشق الدولي تمكين العلاقة الاقتصادية بين سورية والجزائر، واصفا الدورة الحالية بدورة العودة للمشاركة في المعرض بعد انقطاع عنه دام لسنوات، منوها بمشاركة العديد من شركات القطاعين العام والخاص من الجزائر ومبيناً ان عدد الشركات المشاركة يصل إلى عشر تمثل الشركات المنتجة للجلود والبلاط والمحركات الكهربائية والنسيج والري. وشدد على ان الهدف الأبرز لمشاركة الشركات الجزائرية بجناح تصل .مساحته الى 300 متر مربع هو توقيع عقود اقتصادية بين البلدين.

 

مجلة البنك والمستثمر

العدد226 تشرين الأول 2019