بقالات صغيرة بلا موظفين في أرياف السويد

تنتشر في الأرياف السويدية أخيراً متاجر من نوع آخر لخدمة السكان بعد إغلاق محال بقالة كثيرة أبوابها، إذ بات في الإمكان ابتياع الحاجيات من أجهزة توزيع آلية مقامة داخل مستوعبات نقالة موضوعة قرب الحقول من دون أي موظفين.

في منطقة فيكهولم الزراعية الصغيرة التي لا تضم سوى بضع مئات من السكان، على بعد حوالي 80 كيلومتراً من العاصمة ستوكهولم، أغلق آخر محل بقالة قبل أكثر من عشر سنوات. كما أن المتجر التابع لمحطة الوقود الوحيدة في المنطقة أنهى نشاطه هو الآخر قبل عام ونصف عام.

وكان أقرب سوبرماركت يبعد نصف ساعة بالسيارة، إلى أن وصل في يوليو/تموز الماضي هذا المتجر الآلي الذي يعمل على مدار الساعة ويتيح شراء مئات القطع من دون أي صندوق للدفع.

وتقول جوليا راي وهي مربية نحل «لقد كان ذلك لازماً لأكثريتنا في هذه المنطقة»، موضحة لوكالة فرانس برس وهي تضع منتجاتها من العسل على الرفوف «أن يكون لدينا هذا (المتجر الآلي) في الجوار أمر عملي جداً».

لفتح باب المتجر الممتد على مساحة 20 متراً مربع في قلب الحقول قرب محطة الوقود، يتعين إظهار رمز عبر تطبيق على الهاتف الذكي.

ويقول لوكاس إيدمان وهو مهندس فني يزور المنطقة لبضعة أسابيع، لوكالة فرانس برس «نأتي إلى هنا ثلاث مرات أسبوعياً لشراء حاجياتنا. المنتجات أغلى بكثير هنا لكن لا مشكلة لديّ في ذلك، هذا ثمن يمكنني دفعه لعدم التوجه إلى متجر آخر».

وفي خلال بضع ثوان، يمسح لوكاس رمز شطيرة البيتزا وعبوة المشروبات الغازية اللتين اشتراهما على هاتفه الذكي المتصل بحسابه المصرفي وبنظام تعريف وطني (لمنع السرقات)، على مرأى من كاميرا مراقبة وحيدة في المكان.

في السويد، تراجع عدد المتاجر الغذائية (من المتاجر الكبرى إلى تلك الصغيرة التابعة لمحطات الوقود)، من 7169 سنة 1996 إلى 5180 وفق إحصائيات رسمية.

وارتفع عدد المتاجر الكبرى (هايبرماركت) بواقع ثلاث مرات تقريباً خلال ربع قرن من الزمن، فقد أغلقت محال بقالة صغيرة كثيرة في الأرياف، خصوصاً بسبب قلة الربحية على غرار سائر مناطق أوروبا.

ويوضح دانيال لونش «للاستمرار في تقديم المنتجات للزبائن بأسعار متدنية، يجب أن نحتفظ بقدرة التحكم بأكلافنا التشغيلية ما يعني مراقبة كلفة الإيجار، لذلك تجد أن المتاجر صغيرة جداً».

وقد فتح لونش وهو أحد مؤسسي متاجر «ليفزس» منذ أكثر من سنتين ما يقرب من ثلاثين متجراً من هذا النوع في مختلف أنحاء المناطق الريفية السويدية، أو في أحياء تعاني نقصاً في المتاجر داخل المدن.

وتشرف دومينيكا ييرلاخ على انتظام العمل في متجر فيكهولم، وهي لا تأتي سوى مرة أسبوعياً لاستلام البضائع. كذلك تدير ثلاثة متاجر أخرى في حاويات قابلة للنقل.

ويشيد رئيس بلدية إنشوبينغ التي تتبع لها فيكهولم، بهذه المتاجر التي بات عددها ثلاثة في منطقته، مبدياً أمله في رؤية المزيد منها.

ويوضح بيتر بوك أن وجود هذه المتاجر «يسهّل الأمور على الراغبين في الانتقال للإقامة هنا».

وفي بلد من بين الأكثر تطوراً على الصعيد الرقمي في العالم، تفيد «ليفزس» ومنافسون لها مثل «أوتومات» و«24 فود» من النسبة المرتفعة للغاية للسكان المتصلين بالإنترنت. ففي 2019، كان 92 % من السكان يملكون هاتفاً ذكياً، في مقابل 77 % في فرنسا.

وللمفارقة، تشكل متاجر «ليفزس» الصغيرة في قلب الريف «نقطة التقاء» لسكان فيكهولم.

وتقول جوليا «نأتي إلى هنا ونملأ مركباتنا بالوقود وندخل لشراء بعض الحاجيات وقد نلتقي أحدهم في الداخل ونتبادل الأحاديث».

كذلك عززت جائحة (كوفيد19) الفائدة المتوخاة من هذا المتجر، خصوصاً لعدم الحاجة إلى أي تلامس والذي بات يُمنع دخوله لأكثر من شخص واحد لأسباب صحية. ويعتزم دانيال لونده افتتاح أول متاجره في الخارج «مطلع السنة المقبلة».

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق