تراجع أسعار المواد الغذائية العالمية

زيادة المعروض والمخزون على الاستخدام

تراجع أسعار المواد الغذائية العالمية


لم تسلم أسعار المواد الغذائية العالمية من تراجع أسعار السلع التي انخفضت بنسبة 24.3% منذ بداية عام 2014 بحسب البنك الدولي. فقد أدى الحصاد القوي وضعف الطلب وتراجع أسعار النفط إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية.

هناك ثلاثة عوامل رئيسية وراء انخفاض أسعار المواد الغذائية العالمية.

أولا، يشهد نمو الطلب على المواد الغذائية ضعفاً مع تباطؤ النمو العالمي أكثر من المتوقع، مما يدفع الأسعار إلى الانخفاض. وقد خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 0.2% إلى 3.1% لعام 2015 مقارنة بنسبة 3.4% في عام 2014.

ثانياً، أدت الأحوال الجوية المواتية إلى زيادة المعروض والمخزون لعدد من المنتجات الغذائية. فقد فاقت نسب المخزون إلى الاستخدام لبعض الحبوب كالذرة والقمح والأرز (وهو مقياس لوفرة المعروض مقارنة بالطلب) مستوياتها التاريخية. كما يشهد إنتاج بعض المنتجات الأخرى كفول الصويا وزيت الصويا وزيت النخيل ارتفاعاً.

ثالثاً، أدى تراجع أسعار النفط إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية حيث تعتمد الزراعة بشكل كبير على الطاقة. علي سبيل المثال، تعتبر أسعار الأسمدة من بين المدخلات الهامة في الزراعة وهي مرتبطة بشكل وثيق بأسعار الطاقة.

ومن المتوقع أن تستمر هذه العوامل الثلاثة في لعب دور محوري في مستقبل أسعار المواد الغذائية العالمية في 2016 و2017. فمن المتوقع أن يرتفع النمو العالمي في 2016 (3.6% بحسب صندوق النقد الدولي). علاوة على ذلك، من المتوقع أن يسجل إنتاج القمح ارتفاعاً قياسياً جديداً حيث تم تعديل توقعات الإنتاج لأعلى في كل من الصين والاتحاد الأوربي وكازاخستان. كما أن من المتوقع أن يرتفع الإنتاج في مواد أخرى. مثلاً، يتوقع البنك الدولي إنتاجاَ أكبر من حبوب فول الصويا وزيت الصويا في عام 2016. وأخيراً، من المتوقع أن تستقر أسعار النفط عند المستوى الحالي في عام 2016 مع انخفاض الفائض من المعروض. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتراجع انكماش أسعار المواد الغذائية إلى 1.6% في عام 2016.

بحلول عام 2017، نتوقع أن تتعافي أسعار المواد الغذائية قليلاً. حيث من المنتظر أن يرتفع النمو العالمي قليلاً مرة أخرى إلى 3.8%. علاوة على ذلك، من المرجح أن يتكيف العرض والطلب مع انخفاض الأسعار مما سيؤدي إلى تقليص الفائض في المعروض بشكل تدريجي. فمن الوارد أن يخفّض منتجو المواد الزراعية من الاستثمار في تحسين الإنتاجية في ظل انخفاض الأسعار، بينما يُرجح أن يزيد الطلب من المستهلكين. أخيرا، من المقدّر أن تنتعش أسعار النفط بتأثير تقليص الاستثمار، خصوصاً من جانب منتجي النفط الصخري الأمريكي، على المعروض. وبالتالي، نتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 3.7% في 2017.

لكن، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن توقعات أسعار المواد الغذائية تخضع للأحوال الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها. وينطبق ذلك على الوقت الراهن بشكل خاص مع الظهور القوي لظاهرة النينو المناخية التي من المتوقع أن تبلغ ذروتها في الفترة الممتدة ما بين ديسمبر الجاري وفبراير المقبل، وهو ما قد يضطرب معه الانتاج الزراعي. والنينو هي ظاهرة مناخية تحدث كل 2-7 سنوات وقد تؤدي إلى مستويات غير عادية من الأمطار خصوصاَ في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. على سبيل المثال، فقد أدت الأحوال الجوية الجافة في شرق لآسيا، والتي من المتوقع أن تستمر، إلى تراجع إنتاج الأرز خاصة في إندونيسيا حيث يتوقع أن يتراجع إنتاج الأرز بحوالي 1 مليون إلى 2 مليون طن في 2015. وفي حين تظل أسعار المواد الغذائية العالمية بعيدة عن التأثر باحتمال حدوث مشاكل في الإمداد بالنظر للمستويات العالية للمخزون الحالي، إلا أن هناك مخاطر باحتمال تسبب ظاهرة النينو في تعطيل الإنتاج الزراعي العالمي.

في الختام، يتوقع لأسعار الغذاء العالمية أن تنخفض بشكل طفيف في عام 2016 قبل أن تتعافى في عام 2017.