موجة ارتفاع الأسعار تضرب العالم وتخوفات من التضخم

ضربت موجة من الارتفاع أسعار السلع العالمية، منذ بداية العام الجاري، مما أثار التخوفات حول زيادة معدلات التضخم إلى مستويات عالية، وهو ما يؤثر على التعافي الاقتصادي من فيروس كورونا.

فمن القمح والسكر إلى البترول مرورًا بالنحاس وبقية المعادن، ارتفعت أسعار هذه السلع بقيمة كبيرة ووصل أحدهم إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأسابيع القليلة الماضية، مما دفع مستثمرين ومحللين للتخوف من ارتفاع التضخم في ظل ما يكابده الاقتصاد العالمي من متاعب جراء كورونا.

مستويات قياسية

ومع نهاية العام الماضي بدأ سعر البترول في الصعود بقيم كبيرة حتى تخطى مستويات ما قبل كورونا، بعد نحو عام من التراجع الكبير في السعر جراء توقف الطلب بسبب فيروس كورونا.

ويوضح الإنفوجرافيك التالي تطور سعر البترول منذ بداية العام الجاري وحتى الآن.

وكانت المعادن على موعد مع صعود عالمي كبير وتحديدًا النحاس، الذي يدخل في معظم الصناعات عالميًا، حيث وصل سعرها لأعلى مستوى له منذ 8 سنوات.

وتوقعت بنوك استثمار عالمية أن يتخطى سعر الطن 10 آلاف دولار خلال العام الجاري.

ويوضح الإنفوجرافيك التفاعلي التالي تطور أسعار النحاس منذ بداية العام وحتى الآن.

ولم تكن السلع الغذائية بمنأى عن موجات الارتفاعات، وسجل مؤشر الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة (فاو) ارتفاعًا حادًا في شهر يناير/كانون الثاني الماضي وذلك للشهر الثامن على التوالي وبأعلى معدل شهري منذ يوليو/تموز 2014.

وضمن السلع الغذائية التي تسجل ارتفاعًا، كان القمح الذي دفع ارتفاع الطلب العالمي والتوقعات بانخفاض المبيعات من الاتحاد الروسي إلى زيادة في سعره يظهرها الإنفوجرافيك التالي.

كما ترتفع أسعار السكر في السوق العالمي بقيمة كبيرة منذ بداية العام، كما يشير الإنفوجرافيك التالي.

دورة فائقة

وتدفع هذه الارتفاعات البعض للتخوف من حدوث “دورة فائقة” في السلع، أي حدوث موجة مستمرة من الطلب المتنامي على السلع يكافح خلالها المنتجون لتلبيته مما يدفع الأسعار للارتفاع لسنوات تصل إلى عِقد من الزمان.

وتشير بيانات وكالة بلومبرج إلى أن آخر دورة فائقة شهدها الاقتصاد العالمي كانت في 2002 مع صعود الصين كمركز ثقل في الاقتصاد العالمي، واستمرت نحو عقد.

ونقلت الوكالة عن محللين في بنكي استثمار جي بي مورجان وجولدمان ساكس أن العالم يسير في اتجاه هذه الدورة، وأنها تأتي مدفوعة بالتعافي الاقتصادي القوي بعد كورونا، فضلًا عن السياسة المالية والنقدية الحالية.

لكن مقال رأي على صحيفة فايننشال تايمز يقول إنه من المبكر الحديث عن دورة فائقة في الأسعار نظرًا لأنه تحتاج لتحليل اقتصادي دقيق قبل القول إن ما يحدث في الأسواق حاليًا هو “دورة فائقة”.

موجة تضخمية

لكن موجة ارتفاع السلع الحالية تدفع التوقعات بصعود معدلات التضخم عالميًا في ظل إقبال بعض المشترين على شراء هذه السلع للتحوط من ارتفاع الأسعار وليس للحاجة.

وبحسب ما قاله أليستر مونرو من شركة Marex Spectron للسمسرة، لفايننشال تايمز فإن “أحدث مكاسب أسعار السلع جاءت مدفوعة بتدفقات الأموال والتوقعات التضخمية، وليس المشترين الفعليين”.

وبحسب فايننشال تايمز فإن التضخم أصبح مصدر قلق أكبر بين المستثمرين، نتيجة للسياسات النقدية والمالية غير المسبوقة التي تم سنها خلال أزمة فيروس كورونا، والتي تدعم صعود التضخم.

ومنذ أسبوع أشار صندوق النقد الدولي إلى أن حزمة التحفيز التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بـ 1.9 تريليون دولار، قد تدفع إلى زيادة معدلات التضخم، في أكبر اقتصاد في العالم.

كما أدى ضعف الدولار أيضًا إلى جعل السلع أرخص في العملات الأخرى، مما يؤدي إلى زيادة الطلب عليها ويدعم ارتفاع الأسعار.

ووفقًا لإيان لانس، المدير المشارك لـ Temple Bar Investment Trust، فإن هناك العديد من الدلائل على أن الانتعاش الاقتصادي، جنبًا إلى جنب مع التحفيز النقدي والمالي الهائل، يمكن أن يؤدي إلى التضخم.

وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، لفايننشال تايمز إن “الناس قلقون بشأن التضخم لذا يشترون السلع ثم ترتفع الأسعار أكثر”.

ويكافح الاقتصاد العالمي حاليًا للعودة لمستويات ما قبل فيروس كورونا، ومن شأن ارتفاع مستويات التضخم إلى تعطيل هذا التعافي.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق