5 مليارات دولار حزمة دعم صندوق النقد للبنان ؟!

استهدف تقرير أورده مركز “كارنيغي” للدراسات، وأعده الإقتصاديون عامر بساط (مدير في BlackRock وخبير سابق في صندوق النقد)، مارسيل كاسارد (مسؤول سابق في الصندوق ومدير سابق في “دويتشه بنك”)، وإسحاق ديوان (أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة باريس، عمل مع الصندوق خلال تخفيض ديون أميركا اللاتينية منتصف الثمانينيات وديون غانا وليبيريا وسيراليون (2006-2011)، ونشره موقع Arab Economic News، تحديد التوقعات مع بدء المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، “وذلك نظرا الى خطورة الأزمة، التي يحتاج كل طرف الى فهم قيود الطرف الآخر بسرعة.
ومن أهم ما أورده التقرير، أن الأرقام التي تم تداولها في لبنان حول حجم حزمة الصندوق والمساعدات الدولية، “مفرطة في التفاؤل”. وأشار الى ان السلطات اللبنانية تحدثت عن حزمة بقيمة 10 مليارات دولار، “لكن بالنظر إلى حصة لبنان الصغيرة في الصندوق -نحو 861 مليون دولار- والشكوك في أن الحكومة اللبنانية ستكون قادرة على تنفيذ “برنامجًا صعبًا للغاية”، فمن غير المحتمل أن يلتزم الصندوق بأكثر من 3 إلى 5 مليارات دولار، وهو 5 إلى 5 أضعاف حصة لبنان من الصندوق. وبالمقارنة، كانت أحجام البرامج الحديثة في مصر والأردن وتونس 4.2 و2.7 و2.3 مرة من حصة الصندوق لكل دولة على التوالي”.
ورجح التقرير “أن تطلب الحكومة اللبنانية المزيد من التمويل من البنك الدولي ومن الدول المانحة في مؤتمر “سيدر”، وربما من بعض دول مجلس التعاون الخليجي. بحسب التقليد، يعد برنامج صندوق النقد شرطًا أساسيًا لفتح تمويل إضافي. لكن الموارد المالية للدول المانحة مقيدة بسبب الركود المرتبط بوباء “كورونا” وانهيار النفط”.
وأضاف “بمجرد الإعلان عن حزمة الدعم المالي التي يحددها صندوق النقد للبنان، ستتوسع دائرة الدعم الى 15 و20 مليار دولار (3 – 5 مليارات دولار من الصندوق والباقي من مصادر دولية وسيادية أخرى). ومع ذلك، يرجح أن تكون المبالغ الفعلية المصروفة متداخلة على مدى سنوات عدة. على هذا النحو، فإن برنامج الصندوق التمويلي سيكون ثانويًا مقارنة بالفوائد الأخرى التي ستجلبها مشاركته في ملف لبنان.
وبحسب تقرير “كارنيغي”، يرجح على الفور “أن يتم تخفيض قيمة الليرة اللبنانية بحكم الأمر الواقع، ويحتمل أن يتوقف البنك المركزي عن دعم العملة لوقف نزيف احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية. والأهم، يجب أن يكون الانخفاض كبيرًا بما يكفي لتحويل الحساب الجاري من عجز بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما بين 5 و8% من الناتج ليكون أكثر قابلية للإدارة، وبالتالي تقليل احتياجات التمويل الخارجية للبلاد بشكل حاد. يمكن أن يحدث هذا التأرجح الكبير في الحساب الجاري بسبب عاملين: ستنخفض الواردات خلال فترة الركود العميق وستستعيد الصادرات القدرة التنافسية بعد الانخفاض الحاد. سيكون تعديل الحساب الجاري بهذا الحجم متماشياً مع الدول الأخرى التي عانت من أزمات مماثلة، مثل إيسلندا واليونان.
واشار التقرير، إلى صندوق النقد سيطلب على الفور إجراء بعض الإصلاحات المالية البارزة، ومنها في قطاع
الكهرباء،توسيع القاعدة الضريبية وتخفيض الإعانات وتحسين إدارة الضرائب والجمارك، والإصلاحات في المعاشات التقاعدية وتدابير مكافحة الفساد وخفض حجم الخدمة المدنية.
وستكمن معظم التعديلات الصعبة في القطاع المصرفي، إذ سيكون الهدف الفوري هو استعادة السيولة بما يسمح للمصارف بإلغاء تجميد الودائع تدريجيا، ولن تكون هذه العملية سهلة وستستغرق بعض الوقت، لأنها ستتطلب إعادة هيكلة وتقليص جذري للقطاع المصرفي وإعادة رسملة المصارف الباقية. علما ان الهدف النهائي سيكون استعادة وصول المصارف إلى التمويل الأجنبي وإعادة توجيهه نحو تعزيز الانتعاش الاقتصادي بدل كونه قناة للتمويل الحكومي.
ورأى التقرير انه سيكون لبرنامج صندوق النقد إيجابيات وسلبيات. على الجانب السلبي، سيطلب تخفيضًا كبيرًا في الديون وسيكون بطيئًا في صرف المبالغ التي قد تكون “متواضعة” نسبيًا. كما سيدفع من أجل التزامات أعلى بشأن الفوائض الأولية المستقبلية، ويدعم الخصخصة، ويدعو إلى الواقعية بشأن ما يمكن اكتسابه من محاولات استعادة الأصول المسروقة أو استعادة الأرباح من تدابير الهندسات المالية.