العراق: أفق غائم يتطلب إصلاحات هيكلية

قال تقرير صادر عن البنك الدولي إن العراق بدا غير مستعدا لمواجهة عدد من الصدمات الحادة التي بدأت تعصف بالبلاد، وتوقع على إثر ذلك أن ينكمش الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 9.7 % خلال عام 2020 متراجعاً عن نسبة النمو الايجابية البالغة 4.4 % التي حققها عام 2019، مسجلاً بذلك أسوأ أداء سنوي منذ عام 2003.

أزمة النفط وكورونا

ويشير التقرير الذي حمل عنوان “الإبحار في عاصفة عاتية (مرة أخرى)- التطورات والسياسات الاقتصادية الاخيرة”، إلى أن الاوضاع القائمة أصلاً في العراق ما قبل الأزمة، سوف تحدّ من قدرته على إدارة وتخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وتقليص حصص إنتاج النفط (حسب اتفاق أوبك+)، والمعوقات  التي ولّدتها إجراءات العزل الخاصة بمواجهة تفشي فيروس كورونا.

ويرى التقرير أن اعتماد الاقتصاد العراقي الكبير على النفط والدور الواسع للقطاع العام في الأنشطة الاقتصادية والتجارية أمر يعيق خلق الوظائف التي تبرز إليها الحاجة في القطاع الخاص لسكان غالبيتهم من الشباب. وعلاوة على ذلك، فإن الاستياء الشعبي المتزايد حيال سوء تقديم الخدمات، والفساد المستشري، ونقص الوظائف لا يزال راهناً، بل وراح يقترن بالمأزق السياسي الذي يكتنف تشكيل حكومة جديدة.

محفزات بأثر سلبي

يعتقد التقرير أن حزمة المحفزات غير المستدامة التي طرحت منذ تشرين الأول /أكتوبر الماضي، والتي شملت زيادة التوظيف في القطاع العام، وخفض سن التقاعد، والتحويلات المالية المختلفة، إلى جانب عائدات النفط الضعيفة، يتوقع أن يكون لها آثار مالية ضارّة. ففي حالة استقرار أسعار النفط ضمن حدود  الثلاثين دولاراً المتدنية وعدم اتخاذ أي تدابير إصلاحية، فإن تقديرات البنك الدولي تشير الى أن عجز الميزانية سيتجاوز 29% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وستصل احتياجات التمويل الإجمالية إلى 67 مليار دولار (أكثر من 39% من الناتج المحلي الإجمالي).

وفي ظل هذا الوضع، قد تكون خيارات التمويل محدودة. فالاعتماد الشديد على التمويل المحلي سوف يقلّل من السيولة المتاحة لائتمانات القطاع الخاص ويُضعف الميزانية العمومية للبنك المركزي العراقي مما يخلق ضغوطاً على التضخم وسعر الصرف. وفي الوقت نفسه، فإن الوصول إلى الأسواق الدولية قد يكون صعباً نظراً لظروف الأسواق العالمية وضعف إطار الاقتصادي الكلي للعراق، بحسب التقرير.

خطوات يجب العمل عليها

ويشدد التقرير على ضرورة أن يشرع العراق بأجندة إصلاح اقتصادي شاملة تتطلع نحو المستقبل من أجل تمكين القطاع الخاص نحو قيادة النمو وخلق التنوع وفرص العمل.

ويمكن أن يستند مثل هذا البرنامج إلى دعامتين، الأولى: معالجة المعوقات الشاملة التي تعترض التنويع الذي يقوده القطاع الخاص من خلال الاستدامة المالية والحوكمة الاقتصادية، وإصلاحات القطاع المالي، وإصلاحات بيئة الأعمال، وتحسين محصلات رأس المال البشري، فضلاً عن إصلاحات الحماية الاجتماعية ونظام العمل. والثانية: تحسين الحوكمة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في قطاعات إنتاجية مختارة مثل الزراعة والصناعات الغذائية والكهرباء والغاز.

وفي الصدد، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها: “إن ضبط أوضاع المالية العامة والتنويع الاقتصادي من خلال زيادة مشاركة القطاع الخاص  أمران على أهمية قصوى للحد من هشاشة العراق أمام الصدمات الخارجية. ومن شأن اعتماد برنامج موجه نحو الاصلاح وتعزيز النمو أن يُسهم في استدامة جهود إعادة الإعمار والحفاظ على التحسينات الإيجابية التي تحققت في قطاعي الكهرباء والزراعة خلال العام الماضي. ويُعتبر مثل هذا البرنامج  أساسياً لخلق الوظائف التي يحتاجها الشباب والمساعدة في استعادة ثقة المواطنين العراقيين.”

 

اعداد فريق تحرير البنك والمستثمر