لتجاوز المرحلة الاخطر للبنان …

لا نبالغ إذا قلنا أن ما يمر به لبنان من أزمات سياسية ومالية واقتصادية، هو الاخطر في ™تاريخه. فالحراك الشعبي‘ الذي شهدته الساحات وأدى إلى استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وشل الحركة في البلد انطلق من المأساة التي‘ يعيشها اللبنانيون, وهي ليست وليدة ساعته بل نتيجة أزمات متراكمة أشعلتها الضرائب التي ‘فُرضت على كل اللبنانيين حتى بضريبة الواتساب قبل أن يتم التراجع عنها. أما الاخطر فكان ما حدث قبل أن ينزل المتظاهرون إلى الشارع من أزمة مالية ونقدية وفقدان للعملة الصعبة وارتفاع قياسي للدين العام، كشفت أن الحكومة لم ترى في™ معالجة المشكلات إلا بتحميل المواطنين أعباء إضافية وثقيلة، وهي وحدها أشعلت الشارع قبل المطالبة باستعادة الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد.

إن ما جرى في لبنان هو الأخطر لأن اللبنانيين باتوا على مسافة من حكامهم ولا يثقون بالسياسات الاقتصادية للحكومة التي مثلت القوى السياسية، فيما كانت المحاصصة المشكلة الكبرى التي جففت خزانة المال العام، ودفعت الحكومة الى مزيد من الاستدانة على ما يعرف بقروض “سيدر” والتي لم يعد ممكناً السير بها كما هي بعد استقالة الحريري لا سيما بعد تأجيل الاجتماعات المقررة لها. ولم تشفع الورقة الاقتصادية الاصلاحية للحكومة في ™اليومين الاولين من التظاهرات في™ كسب ثقة الناس لمعالجة المشكلة. حتى أن البعض في ™الحكم هرب إلى رمي المشكلة في ™مكان آخر وحاول تحميل مصرف لبنان وحاكمه مسؤولية ما يحصل وهو الوحيد الذي حافظ على الثقة وثبات النقد الوطني‘، بالرغم من كل الضغوط التي ‘تعيشها البلاد.

اليوم لابد من مسار مختلف أكثر شفافية وثقة وبرامج إنقاذ وطني تعيد معالجة الوضع قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة بالانهيار الشامل.

 

                                                    ********************************

مجلة البنك والمستثمر

العدد 227 تشرين الثاني 2019