العملاق الصيني يكسر الحظر الأميركي

لم تنته الحرب بين الشركة الصينية العملاقة “هواوي” والولايات المتحدة الأميركية. هي حرب يبدو أنها مفتوحة على كل الاحتمالات، وإن كانت بلغت أوجها بإدراج الشركة الصينية من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على القائمة السوداء للمصدرين، أو قائمة الشركات التجارية المدرجة في القائمة السوداء للشركات الأميركية، فيما أوقفت شركة “ألفابت” وهي الشركة الأم لـ”غوغل” أعمالها التي تتطلب نقل منتجات عتادية وبرمجية مع شركة هواوي، ما يمنعها من إمكان الوصول إلى تحديثات نظام التشغيل “أندرويد”. هذه الحرب المفتوحة تتصل بالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إنما الأخطر التهم الأميركية لهواوي بالتجسّس لمصلحة الحكومة الصينية، ثم الخوف من التنافس التكنولوجي، حيث تمكنت هواوي من تخطي “آبل” وتفوقها في السيطرة التكنولوجية الجديدة.

 

تفوّق هواوي

 

استطاعت الشركة الصينية العملاقة “هواوي” التفوق واحتلال المركز الثاني في مبيعات الهواتف الذكية حول العالم، متخطية بذلك مبيعات الشركة الأميركية “آبل” ومنافسة الشركة الكورية “سامسونغ” على تبوؤ المركز الأول. ومع علامتها التجارية “أونور” تمكنت هواوي من تسجيل نمو قوي خلال عام 2018، في وقت كانت فيه العلامات الأخرى للهواتف الذكية تكافح للحفاظ على مكانتها وسوقها. وقد باعت هواوي وأونور 200 مليون جهاز في السنة، وطمحت هواوي لأن تصبح أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم بحلول السنة 2020. وقد كان الربع الأول من هذا العام أكثر قوة، مع زيادة بنسبة 50% مقارنة بالشحنات في الوقت نفسه من العام الماضي، وقد أشارت أرقام شركة “اي دي سي” للبحوث إلى أن شركة هواوي حصلت على حصة عالمية في سوق الهواتف الذكية بنسبة 21.4 %، خلف شركة سامسونغ الرائدة بنسبة 26%.

تمكنت هواوي من قلب المعادلة التكنولوجية، وهو ما أقلق الأميركيين من ضمن الصراع بين واشنطن وبكين. نجحت أيضاً في تطوير شبكات الجيل الخامس (5G)، ما أثار مخاوف واشنطن من احتمال أن تسمح أنظمة “هواوي” للصين بجمع كميات هائلة من البيانات السرية والمعلومات السياسية، أو تعطيل البنى التحتية في حال اندلاع صراع دولي. هذا ما دفع ترامب والادارة الأميركية إلى محاولة عرقة نشاط العملاق التكنولوجي الصيني، لا سيما في فترة استعداده لاقتناص أكبر فرصة تجارية، والمتمثلة في نشر تكنولوجيا شبكات اتصالات الجيل الخامس التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات، وفق صحيفة “ذي تلغراف” البريطانية، التي اشارت في مقالة لها إلى أن القرار الأميركي يمكن أن يؤدي إلى تعقيدات خطيرة وصعوبات في الإدارة اليومية لأعمال هواوي، التي حققت مبيعات فاقت مئة مليار دولار، خلال العام 2018.

 

مواجهة الإجراءات الأميركية

وفي تصريح صحافي أخيراً، قال مؤسس شركة هواوي ومديرها التنفيذيّ رين زينغفوي إنّ “الممارسات الحاليّة للسياسيّين الأميركيّين يقلّلون أهمّيّة قوّتنا. لن يتأثّر الجيل الخامس من هواوي إطلاقاً. على مستوى تكنولوجيات الجيل الخامس، لن يكون الآخرون قادرين على اللحاق بهواوي خلال سنتين أو ثلاث سنوات. لقد ضحّينا بأنفسنا وبعائلاتنا من أجل مُثلنا للوقوف على قمّة العالم. من أجل الوصول إلى هذا المثال، عاجلاً أم آجلاً سيكون هنالك صراع مع الولايات المتّحدة”.

تبدو قضية هواوي جزءاً من استمرار حرب ترامب التجارية على الصين، وبينما يؤكد مؤسس الشركة زينغفوي أنّ شركته كانت مستعدّة بالكامل للسيناريو الأميركي، بدأت هذه الأزمة تأخذ شكلها الحالي، منذ بداية العام الماضي، عندما ضغطت إدارة ترامب على بكين للتراجع عن استراتيجية “صنع في الصين 2025″، عبر إقرار الكونغرس قانوناً لمراجعة مخاطر الاستثمار الأجنبي. حينها، برز اسم “هواوي” التي حوّلت الصناعات الصينية إلى مستوى متقدم من الجودة وقدمت نفسها شركة منافسة لكبرى الشركات في عالم التكنولوجيا. فإذا كان الجيل الرابع ولّد خدمات من مستوى “نتفليكس” وغيرها، فإن الجيل الخامس لـ”هواوي” بعد وضعه قيد التشغيل، سيقلب كل عناصر التكنولوجيا ومعادلاتها وقد يؤدي الى حرب تكنولوجية تتخوف منها واشنطن فيما العملاق الصيني يفرض تقنيته بقوة في العالم.

بعد نجاح هواوي في عالم الهواتف الذكية، انطلقت الشكوك الأميركية حولها بالبروز سواء في هواتفها او في معدات شبكات الهاتف المحمول، حيث بدأت الولايات المتحدة الأميركية حربها على العملاق الصيني متهمة إياها بالتجسس لصالح المخابرات الصينية ودعت العالم الى مقاطعة هواتفها ومعداتها. وكانت شركة هواوي قد رفعت دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة ردًا على حظر استخدام التقنية الخاصة بهواوي في الشبكات الفيدرالية، ما يمنع المقاولين الحكوميين الرئيسيين من استخدام معدات هواوي، ونصت دعوى هواوي على أن الولايات المتحدة حددت العقاب على هواوي بشكل غير دستوري وأن الحظر المفروض عليها من شأنه أن يضع أميركا وراء المناطق الأخرى في السباق لبناء شبكات الجيل الخامس.

 

تأثيرات سلبية

 

يمكن أن تفقد هواتف هواوي الذكية المستقبلية التي تُباع خارج الصين إمكانية الوصول إلى تطبيقات غوغل، والخدمات الشائعة على أندرويد، بما في ذلك متجر “غوغل بلاي”، وتطبيق خدمة البريد الإلكتروني “جي مايل”. وذلك بعدما أعلنت غوغل عن حظر دعم نظام أندرويد على هواتف هواوي، وحظر خدمات غوغل المختلفة عليها، استجابة لقرار وزارة التجارة الأميركية بإدراج هواوي على القائمة السوداء للشركات المحظور عليها استخدام تقنيات ومنتجات أميركية دون موافقة حكومة الولايات المتحدة، وان كانت واشنطن أعلنت عن تأجيل بدء تطبيق الحظر على تصدير التكنولوجيا الأميركية إلى شركة هواوي الصينية العملاقة لمدة 3 أشهر، واعطائها الوقت “للمحافظة على الشبكات والمعدات الموجودة والعاملة حالياً ودعمها، بما في ذلك بالتحديثات على الأنظمة الخاضعة للعقود والاتفاقات القانونية الملزمة الموقعة قبل 16 أيار 2019 ضمناً”.

لكن الشركة الصينية التي تنبهت مسبقاً للسيناريو الأميركي، كانت تشتغل على خطة “ب” وفق الرئيس التنفيذي للشركة ريتشارد يو، وقد أعلن أن الشركة تطور خطة “ب” وهي عبارة عن نظام تشغيل داخلي بديل لنظام أندرويد، جاهزة لتنفيذه في حال أدت معركتها القانونية في الولايات المتحدة إلى فرض حظر على تصدير المنتجات والخدمات الأميركية الصنع مثل أندرويد وويندوز، وهو ما حدث بالفعل بعد القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة.

ووفق موقع “هواوي سنترال“، فقد كشف مصدر صيني عن صحة تطوير هواوي لنظام تشغيلها الخاص، تحت اسم “”هونغمن Hongmeng” والذي يقال إن هواوي بدأت في تطويره بنشاط منذ عام 2012. وهي استخدمت نظام التشغيل “هونغمنغ” في هواتفها الذكية بالفعل بصورة مخفية داخل نسختها من أندرويد من دون أن يلاحظ أحد، ولا يزال مستبعداً أن يصبح “هونغمنغ” هو الاسم النهائي لنظام تشغيل هواوي، إذ يرجح أنه إسم “الكود” التابع له.

 

استبدال النظام

 

ووعدت شركة هواوي بعد القرار الأميركي بمواصلة تقديم تحديثات الأمان وخدمات ما بعد البيع للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية الخاصة بها، وأكدت انها ستستمر في بناء نظام بيئي آمن ومستدام، من أجل توفير أفضل تجربة لجميع المستخدمين على مستوى العالم. كما أبدت الشركة استعدادها لمواجهة ضغوط واشنطن، مع تقليص ارتهانها للشركات الأميركية، وفقاً لما أكده مؤسسها ورئيسها التنفيذي زينغفوي. وأشار إلى أن مجموعته ستواصل تطوير مكوناتها الخاصة لتقليص ارتهانها لمجموعة المورّدين الأجانب، وقال في تصريحات لوسائل اعلام يابانية، “لم نفعل أي شيء ينتهك القانون”، وتوقع أن يتباطأ نمو هواوي “إنما بصورة طفيفة فقط”. وأكد أن شركته لن تخضع لضغوط واشنطن، موضحاً أننا “لن نغير التوجه بناء على طلب الولايات المتحدة ولن نقبل المراقبة وستستمر هواوي في الوصول إلى نسخة نظام التشغيل “أندرويد” المتاحة من خلال الترخيص المفتوح المصدر، الذي يجعل النظام متاحًا لكل من يرغب في استخدامه.

ووفقاً لصحيفة ” South China Morning Post” فقد بدأت هواوي العمل على استبدال نظام أندرويد في وقت مبكر من العام 2012، عندما فتحت الولايات المتحدة تحقيقًا مع هواوي وشركة ZTE الصينية، وكانت لا تزال تعمل على تطوير النظام في عام 2016، ولكن حتى اللحظة لا يُعرف كيف يعمل نظام التشغيل هذا، وما الذي يبدو عليه في دورة التطوير التكنولوجية. ولا يقتصر الأمر فقط على نظام تشغيل جديد، إذ تشير التقارير الأخيرة الى إن شركة هواوي، التي تعتمد على رقائق من شركات أميركية كإنتل وكوالكوم، تقوم بتطوير وتخزين رقائق ومكونات أخرى تحسباً للحظر، إذ قال زينغفوي في حديث سابق، إن الشركة ستكون “جيدة” من دون رقائق أميركية.

وعلى الرغم من قولها إنها مستعدة لاستبدال نظام التشغيل لأجهزة الكومبيوتر الخاصة بها، إلا أن هواوي ستحتاج إلى العثور على شركاء جدد في الأجهزة لأنها تعتمد على معالجات إنتل في أجهزة الكومبيوتر المحمولة، ونظرًا لأن شركة “إنتل” و “كوالكوم” و “برودكوم”، وهي ثلاث من مصممي وموردي الرقائق في العالم، قد أوقفت تعاملاتها مع هواوي تماشياً مع قرار الحكومة الأميركية الذي يمنعها من التعامل مع الشركة، فقد تحتاج هواوي إلى بدء تطوير معالجاتها الخاصة بجهاز الكومبيوتر المحمول.

خفّفت الإدارة الأميركية بعض القيود المفروضة على الشركة الصينية لغايات إجرائيّة، فسمحت وزارة التجارة بشراء هواوي مواد أميركيّة الصنع لاستمرار عمل الشبكات القائمة وتحديث البرامج الموجودة على أجهزتها. وقال وزير التجارة الأميركي ويلبور روس إنّ التفويض يستهدف منح شركات الاتّصالات التي تعتمد على معدّات هواوي الوقت لاتّخاذ ترتيبات أخرى. علماً أن الشركة الصينيّة هي المصدّر الوحيد لمعدّات الاتّصال لشركات تؤمّن خدمة الإنترنت في المناطق الريفيّة الأميركيّة.

 

الحرب الأميركية على الصين

 

بدأت الحرب الأميركية على الصين فعلياً منذ نحو سنتين أو أقل بقليل، وتشعبت الخلافات بين الطرفين، ومن بين الاتّهامات التي وُجّهت إلى الشركة أيضاً سرقة أسرار صناعيّة من شركة الاتّصالات الأميركيّة “تي موبايل”. لكن الحرب مع هواوي هو جزء من المعركة الأميركية ضد الصين، ويظهر هذا الأمر باتهام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مجموعة هواوي بأنّها ليست صادقة بشأن علاقاتها مع الحكومة الصينية التي استنكرت بدورها “ضغوطاً تعسفية” تقوم بها واشنطن ضدّ ثاني شركة عالمية للهواتف الذكية. وقال بومبيو لشبكة “سي ان بي سي” بعد القرارات الأميركية، إنّ “قولهم بأنهم لا يعملون مع الحكومة الصينية ليس صحيحاً”. وتابع أنّ الرئيس التنفيذي لهواوي رين زينغفي “لا يقول الحقيقة للشعب الأميركي أو العالم” حين ينفي وجود علاقات مع الحكومة الصينية، وأشار إلى قانون في الصين يجبر الشركات، وفقاً له، على التعاون مع السلطات. في حين قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إنّ الولايات المتحدة “تستخدم قوة الدولة لتضع الضغوط بشكل تعسفي على شركات صينية خاصة مثل هواوي، في استقواء اقتصادي”. وحذّر من أنّ بكين مستعدة “للقتال حتى النهاية” في حربها التجارية مع واشنطن.
ويسعى الأميركيون إلى محاصرة هواوي في الخارج، إذ تلقت الشركة الصينية صفعة جديدة بعدما أعلنت شركة باناسونيك اليابانية أنها ستقلّص تعاملاتها مع المجموعة الصينية. وأنها “ستعلق التعاملات مع هواوي وفروعها البالغ عددها 68 فرعا المشمولة بالحظر الحكومي الأميركي.

مناورات

 

يعتقد بعض المسؤولين داخل الإدارة الأميركية أنّ ترامب قد يتراجع عن العقوبات في إطار مفاوضاته مع نظيره الصينيّ شي جينبينغ. وتساءلت مجلّة “فورتشن” وشبكة “بلومبيرغ” عن توقيت خطوة ترامب وما إذا كان الأخير يعاقب الشركة لكسب تفوّق تفاوضيّ على الصين في المفاوضات التجاريّة. وذكّر الموقعان بأنّه وقبل اصطدام المفاوضات بالجدار، كان مسؤولون متردّدين بالتحرّك ضدّ “هواوي” لأنّ ترامب عكَس إجراءات مشابهة السنة الماضية ضدّ شركة “زد تي إي” الصينيّة للاتّصالات.

وبرز القلق من أن يقوم ترامب بالأمر نفسه مع هواوي كخدمة لشي جيبينغ أو مقابل استيراد فول الصويا. لكن إلى أيّ مدى سيحظى ترامب بالنفوذ الإضافيّ يبقى أيضاً علامة استفهام، إذ بحسب تقرير آخر لـ “بلومبيرغ” عرضت الصين على صنّاع التطبيقات مساعدتهم في الدخول إلى أراضيها، هي التي تحوي أكبر سوق للهواتف الذكيّة، في مقابل بناء البرمجيّات لمعرض التطبيقات الخاص بها.

ليس واضحاً استعداد هواوي ومدى شموليّته. يشرح فالد سافوف في موقع “ذا فيرج” الأميركيّ المتخصّص بالتكنولوجيا، أنّ الشركة استعدّت لهذه المشكلة عبر استباقها السنة الماضية، غير أنّ الخطّة لحظت احتمال خسارة “هواوي” شراكتها مع “غوغل” فقط، لا مع جميع الشركات الأميركيّة، مثل “فايسبوك” و “تويتر” و “بينترست” وشركات أخرى. من هنا، يشير إلى أنّ شدّة إجراءات ترامب لن تجعل معرض التطبيقات لدى الشركة الصينيّة مثمراً. لكنّ السلبيّات ليست محصورة بشركة “هواوي” كما يجادل البعض الآخر، إذ إنّ وضع الشركة على اللائحة السوداء هو جزء من حرب تجاريّة أوسع.

إشكاليّة الحرب التجاريّة بين الصين والولايات المتّحدة تكمن وفق خبراء في كونها حرباً متعدّدة المستويات، ولا يحدّها غياب التوازن التجاريّ بين البلدين أو حتى سرقة الملكيّة الفكريّة بحسب النظرة الأميركيّة. بناء لذلك، قد لا تكون منظّمة التجارة العالميّة الحلّ النهائيّ لهذه الإشكاليّة. وقد تحدّث رين زينغفوي عن شبكة “الجيل الخامس” التي ستتربّع شركته بفضلها على عرش العالم خلال السنوات القليلة المقبلة. لكنّ البعض يخشى من أنّ الصين لن تدخل عبر هذا الجيل في منافسة مشروعة مع الأميركيّين، مستندين إلى بعض القوانين التي سنّتها بيجينغ.

لا شك في أن أسباب القرار الأميركي إدراج هواوي على اللائحة السوداء للشركات يعود إلى عوامل عدة، أولها اتهام الشركة بالتجسس لمصلحة الحكومة الصينية، إلا أن أهمها التنافس والصراع بين “هواوي” و”آبل” الأميركية للسيطرة على المستقبل تكنولوجياً وتسويقياً. وقد حطمت الشركة الصينية أرقاماً قياسية في مبيعاتها وانتشرت في 170 بلداً في وقت قياسي، وتربعت على المركز الثاني عالمياً بعد سامسونغ، فيما حلت “أبل” ثالثة. وبعد معركة الجيل الخامس، نشبت الأزمة بين الصين والولايات المتحدة أواخر العام الماضي بعد اعتقال المديرة المالية للشركة منغ وانزو في كندا، بطلب من الولايات المتحدة بتهمة انتهاك العقوبات المفروضة على إيران. ووجهت وزارة العدل الأميركية 23 تهمة رسمية ضد “هواوي”، شملت تهماً بالتحايل وسرقة أسرار تكنولوجية من الشركات الأميركية. وأدى الأمر بالصين بعد اعتقال منغ وانزو ابنة مؤسس الشركة “هواوي”، قبل الإفراج عنها لاحقاً إلى خوض المعركة، فاتخذت إجراءات غير اعتيادية، وتحوّلت هواوي إلى رأس حربة في المواجهة بين الولايات المتحدة والصين.

الصراع المفتوح

العقوبات التي فُرضت على هواوي لن تجعل الشبكات الأميركية أكثر أماناً. قالت المديرة في الشركة الصينية كاثرين شين لصحيفة النيويورك تايمز، إذ سيضّر ذلك بالأميركيين العاديين والشركات، عبر حرمانهم من الوصول إلى التكنولوجيا الرائدة، وتقليل المنافسة وزيادة الأسعار، كما سيضر الحظر مالياً بآلاف الشركات الأميركية التي تتعامل مع هواوي، إذ إن الأخيرة تشتري أكثر من 11 مليار دولار من السلع والخدمات من الشركات الأميركية كل عام. كما أن فرض حظر تام على معدات هواوي يمكن أن يلغي عشرات الآلاف من الوظائف الأميركية.
الأمر الأساسي متعلق أيضاً بشبكة الجيل الخامس، فإذا تمكنت الصين مع هواوي من بيع النظام الجديد للدول والشركات ستوجه ضربة كبيرة للأميركيين ولشركاتها التكنولوجية، خصوصاً وأن هواوي قررت المواجهة لكسر الحظر والحصار الأميركيين. وبتشغيل شبكة الجيل الخامسن ستكون الصين في المقدمة ولن يكون سهلاً اللحاق بها في ظل المنافسة الشرسة مع الأميركيين الذين يفهم اليوم سبب سخطهم والعمل على محاصرة الشركة التكنولوجية العملاقة ورفع درجة العقوبات التجارية على الصين.

 

*************************************

مجلـــة البنك والمستثمر
العدد 222 _حزيران 2019