سورية: مشاريع كهربائية بألفي مليار ليرة

قال وزير الكهرباء السوري المهندس زهير خربوطلي أن جملة من المشاريع الاستراتيجية وبتكلفة تتجاوز ألفي مليار ليرة سورية وقعت الوزارة عقودها خلال الفترة الماضية، لتطوير الواقع الكهربائي وتأمين الطاقة لمختلف مدن ومناطق سورية ولا سيما منها المحررة من الإرهاب. وأكد في حديث لمجلة البنك والمستثمر أن الاستجرار غير المشروع يشكل أكبر التحديات أمام وزارة الكهرباء لتكلفته الكبيرة والضغط الذي يسببه على الشكبة الكهربائية، لافتاً إلى اهتمام الوزارة بالطاقة الريحية والشمسية ومباشرتها بعض المشاريع المبدئية في هذا المجال.

 

وفيما يلي نص الحديث:

 

ما هو المشهد العام للشبكة والطاقة الكهربائية في سورية؟

بالمقارنة ما بين الشتاءين الحالي والماضي نجد أن الإنتاج الكهربائي من التوليد وصل العام الماضي إلى 46 مليون كيلو واط ساعة، أما حالياً، فقد وصل إلى 80 مليون كيلو واط ساعة أي تضاعف الإنتاج من الطاقة. وفي كل دول العالم يزيد الإنتاج من كهرباء التوليد في العام بمعدل لا يتجاوز 10 إلى 15 أو 20%، أما في سورية، فازداد إنتاج التوليد 100%، كما كانت واردات الغاز في شتاء العام الماضي وسطياً 6 ملايين متر مكعب من الغاز، بينما يصل الإنتاج من الغاز حالياً إلى 12 مليون متر مكعب، وكذلك الفيول الذي لم تتجاوز وارداته العام الماضي 3 ألاف طن، أما اليوم، فيصلنا 7 ألاف طن من الفيول، والفضل لبواسل الجيش العربي السوري في رفع واردات الغاز إلى أكثر من الضعف نتيجة عودة العديد من حقوله. وبفضل الدعم الحكومي زادت واردات الفيول إلى محطات التوليد. وبعبارة أخرى فإن جهود طواقم الكهرباء والتنسيق المستمر مع وزارة النفط والحكومة مجتمعة وبسالة وتضحيات الجيش وصمود الشعب أدى كل ذلك الى ارتفاع التوليد الكهربائي إلى 100% من العام الماضي إلى الحالي.

وعلى المقلب الأخر وبالنسبة للاستطاعة الكهربائية فقد كانت خلال العام الماضي 1500 ميغا واط في حين أنها اليوم 3500 ميغا واط، مع الأخذ بالاعتبار أنه وخلال العام الحالي وبعد زيادة التوليد واستقرار المنظومة الكهربائية دخل لدينا العديد من المناطق التي حررها الجيش، وبلغت الاستطاعة التي غذينا بها هذه المناطق 420 ميغاواط والتي تشمل مدينة حلب في الشهر التاسع 2017 وحالياً تستهلك 170 ميغاواط، وفي ريف دمشق مناطق التل وقدسيا والهامة والزبداني ومضايا وبقين وبلودان وسوق وادي بردى وبهليّا وإفرع والحسينية ومعضمية الشام وفي حمص الوعر وكذلك السويداء وريف حماه، وكلها وصلت إليها التغذية الكهربائية باستطاعة 420 ميغا واط، وعلى الرغم من دخول هذه المناطق نطاق الاستهلاك وتأمين التغذية لها يلاحظ استقرار المنظومة الكهربائية في الأشهر الستة التي مضت.

كما نعمل حالياً على تأمين التغذية الكهربائية لمدينة دير الزور، وللأسف فمحطة التيّم مدمرة بالكامل من قبل داعش ووصلت الأضرار إلى المليارات، ولكن الوزارة باشرت العمل على تأمين محولة 400 كيلو فولت للوصول إلى منطقة التيّم، وعلى التوازي تقوم كوادرنا بإعادة تأهيل خط 400 كيلو فولت والذي يبلغ طوله 328 كيلو متر ويمتد من حمص- جندر إلى تدمر إلى التيّم إلى دير الزور، وأنجزنا اكثر من 60% من تاهيل هذا الخط وفي القريب العاجل ستكون محطة التحويل والخط جاهزين لتأمين الكهرباء إلى الميادين والبوكمال ودير الزور وكل المناطق التي تقع شمال شرق سورية.

كم يبلغ حجم الاستجرار غير المشروع؟

لا شك أن الاستجرار غير المشروع يشكل أكبر التحديات التي تواجهها وزارة الكهرباء، إذ لا يمكن تحديد حجم معين أو رقم محدد لأن حجمه يتغير تبعاً للفصل والموسم، ولكن دخول فصل الشتاء أدى إلى زيادة في الاستهلاك بمقدار 40% نتيجة لجوء العديد من المواطنين إلى التدفئة والتسخين المائي بالكهرباء، حيث يؤدي الإسراف في استخدام الكهرباء بشكل غير عقلاني إلى ارتفاع الأحمال بشكل كبير نتيجة تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية الكبيرة خلال فترة الذروة التي تقع بين الـ 5 إلى الـ10 مساءً، وفي هذا السياق يمكن القول أن كل مواطن يختلس الكهرباء يساهم في إضعاف اقتصاد بلاده، فكيلو الكهرباء يكلف الخزينة 60 ليرة سورية واصلاً الى المنزل، ومن المعروف أن من يقوم بالاستجرار غير المشروع يكون استهلاكه أضعاف الاستجرار المشروع من العداد النظامي، ولكن وزارة الكهرباء تكافح هذه الظاهرة من خلال حملات كبيرة جداً لمكافحة هذا النوع من الاستجرار، وعليه لا بد أن يكون هناك تضافر جهود ووعي واستخدام عقلاني وتعاون وتنسيق مشترك ما بين عاملي الكهرباء والمواطنين للوصول إلى استجرار منطقي يضمن الاستقرار في المنظومة الكهربائية.

ماذا عن استراتيجية وزارة الكهرباء في ظل التحديات القائمة من حصار وحظر تقني؟

تقوم استراتيجية وزارة الكهرباء بشكل رئيسي على تطوير الواقع الكهربائي وتعزيز موثوقية الشبكة وهو أمر متأتٍّ من تطوير البنية التحتية للشبكة من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات مع الجانبين الروسي والإيراني، وقد وقعت الوزارة مع الجانب الإيراني اتفاقيات مشاريع استراتيجية تصل استطاعتها إلى 2000 ميغا واط بقيمة تريليون ليرة سورية، وأول مذكرة تفاهم بهذا الصدد تتضمن تنفيذ محطة توليد في محافظة اللاذقية باستطاعة 540 ميغاواط بدارة مركّبة لمجموعتين غازيتين ومعهما مجموعة بخارية بقيمة تبلغ 600 مليون يورو تقريباً، وثاني المشاريع يتضمن إعادة تأهيل المجموعتين الأولى والخامسة في محطة توليد حلب الحرارية، والمشروع الثالث لإعادة تاهيل وصيانة مجموعات جندر في حمص لرفع استطاعتها، والمشروع الرابع الذي وقعته الوزارة يضمن إعادة تأهيل مجموعة توليد بانياس التي تعمل على المازوت وتحويلها الى الغاز ورفع استطاعتها من 30 ميغاواط إلى 38 ميغاواط. أما بالنسبة للجانب الروسي فقد وقعنا معه مشاريع استراتيجية باستطاعة 2300 ميغاواط وسيتم من خلال المشروع الأول تنفيذ محطة توليد في مدينة دير الزور باستطاعة 750 ميغاواط وتأهيل وصيانة المجموعات الثانية والثالثة والرابعة في محطة توليد حلب، وتركيب مجموعيتن بخاريتين في محطة توليد جندر باستطاعة 600 ميغاواط وتركيب مجموعتين بخاريتين في محطة توليد تشرين باستطاعة 600 ميغاواط، ومجموع استطاعة هذه المشاريع 4300 ميغاواط وتنفيذها سيستغرق من 3 إلى 5 سنوات. أما المشروع الاستراتيجي الأخير الذي قمنا به في إيران والعراق فهو إعادة تفعيل الربط الكهربائي الثلاثي بين إيران والعراق وسورية من خلال خطينن 400 و230 كيلو فولت، حيث يمتد الخط الأول 400 كيلو فولت من القائم (في العراق) إلى محطة التيّم (في سورية) بطول 155 كلم، والخط الثاني يمتد من تل أبو ظاهر في العراق إلى محطة توليد السويدية في سورية بطول 42 كلم، ومن المقرر أن ينقل هذان الخطان طاقة كهربائية حجمها 600 ميغاواط، أي أن سورية ستوفر على نفسها إنشاء محطة توليد في المنطقة الشرقية بقيمة 600 مليون يورو، وقد جاء الوفدان العراقي والإيراني إلى سورية مطلع العام الحالي 2018 ووقعا العقد النهائي على بروتوكول الربط الثلاثي بين الدول الثلاث.

ما طبيعة هذا الربط الكهربائي وما الذي ستجنيه الشبكة السورية منه؟

تنهض الذروة الكهربائية في العراق خلال الصيف في حين أنها شتاءً في سورية وقد لمس المواطن السوري ان التقنين لم يكن موجوداً صيفاً حيث ألغيناه من شهر نيسان وحتى شهر تشرين الثاني، وبالتالي من الممكن أن يستعين بنا أشقاؤنا في العراق صيفاً بحيث نمدهم بالطاقة وهم يمدوننا بها شتاءً كون الذروتين متباينتين وما من مشكلة في العراق خلال الشتاء لأن الحرارة دائماً فوق 30 درجة، أما في الصيف فتصل الحرارة إلى ما يفوق الـ 55 درجة بينما في الشتاء لديهم وفرة في الكهرباء، كما يمكن لنا أن نستخدم خطوط الأراضي العراقية لعبور الكهرباء إلينا من إيران بحيث نستفيد من الطاقة الفائضة لدى إيران.

ما هي رؤية وزارة الكهرباء خلال المرحلة المقبلة؟

لدى وزارة الكهرباء رؤية لنوعين من الطاقة، اولها التقليدية التي تشمل الفيول والغاز والطاقات المتجددة التي تشمل الشمس والرياح. وبالنسبة للطاقات التقليدية تقوم رؤية الوزارة فيها على تأمين 4300 ميغاواط خلال السنوات الخمس المقبلة وهو رقم كبير كون استطاعتنا الأن 6000 وسيدخل لدينا 4000 ميغا واط جديدة فيكون المجموع 10 ألاف ميغاواط، في حين أننا قبل الأزمة كنا نولّد 7000 ميغا واط، أي ان استطاعتنا ستفوق الاستطاعة التوليدية فترة ما قبل الأزمة، والعقود جاهزة وموقعة حيث جاء الخبراء الروس والإيرانيون وعاينوا المواقع ويضعون حالياً الدراسات التحضيرية للبدء بتنفيذ هذه المشاريع وتكلفتها 2 تريليون ليرة سورية، أما بالنسبة للطاقات المتجددة فهي في الحقيقة طاقات نظيفة وصديقة للبيئة وتسعى الوزارة بكل إمكانياتها لتنفيذ مشاريعها وأول المواقع في الكسوة بريف دمشق حيث باشرنا محطة توليد باستطاعة 1,25 ميغاواط وتكلفتها 1 مليار ليرة سورية، وإن تم وضعها في الخدمة سنوفر سنوياً 500 طن من الفيول بقيمة 90 مليون ليرة سورية وسنعمل على رفع استطاعة هذه المحطة لتصل إلى 7,5 ميغاواط، كما صادقنا مؤخراً على عقد لإنشاء محطة توليد كهروشمسية في مدينة دير عطية بريف دمشق باستطاعة 10 ميغاواط وبقيمة 14 مليارات ليرة سورية ولدينا دراسات حالياً لنحو 97,5 ميغاواط بقيمة 97,5 مليار ليرة سورية لتنفيذ مشاريع عدة للطاقة الشمسية بحيث تغطي كل أرجاء سورية. وفي ما يتعلق بالطاقات الريحية فقد وقعنا مذكرة تفاهم مع شركة “مبنى” الإيرانية لتنفيذ محطتين ريحيتين في قطينة بحمص باستطاعة 5 ميغاواط.

 

*************************************

مجلـــة البنك والمستثمر
العدد 206 _شباط 2018