دور القطاع المصرفي في التنمية الاقتصادية والإعمار

 

أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه أنّ للقطاع المصرفي أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية. فبانفتاح المصارف على المجتمع بكل شرائحه، يساهم القطاع المصرفي في تطوير وتنمية الاقتصاد من خلال الخدمات المصرفية المتنوعة التي يقدّمها.

جاء كلام الحاكم سلامه خلال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2017 الذي نظمه اتحاد المصرف العربية بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) في فندق فينيسيا – بيروت، تحت عنوان: ” توأمة الإعمار والتنمية: معاً لمواجهة التحديات الاقتصادية”، وذلك برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وبحضور أمين عام جامعة الدول العربية احمد أبو الغيط ، وبمشاركة وزراء وحكام مصارف مركزية عربية، ونحو 500 شخصية قيادية مصرفية عربية، وممثلون عن أهم المؤسسات الإقليمية العربية وسفراء عرب وأجانب وهيئات اقتصادية.

وقد ناقش المؤتمر 5 محاور تتعلق بإعادة الإعمار والتنمية والتحديات التي تواجه الاقتصادات العربية.

تحفيز القطاع الخاص وتشجيع اقتصاد المعرفة

وأشار سلامه إلى أنّ مصرف لبنان كان قد بادر وأطلق تحفيزات للقطاع الخاص عبر دعم الفوائد للقروض السكنية والقروض الإنتاجية، كما وأنّه أصدر تعميما لتشجيع اقتصاد المعرفة الرقمي وهو قطاع واعد في لبنان ليحتل لبنان وبعد أربع سنوات المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بين البلدان المبتدئة، والمرتبة الثامنة في العالم تبعا للمؤسسة البريطانية GEM، وقد نتج عن ذلك، أن حافظ لبنان على نمو إيجابي في ظروف صعبة تمر بها المنطقة ووفّرت هذه القروض الممنوحة من المصارف، وعلى مسؤوليتها، آلاف الوظائف ودعمت الطلب الداخلي، لافتاً إلى أنّ النمو المتوقّع لهذا العام هو بحدود 2,5% ونسبة التضخم هي بين 3 و3,5%..

وأوضح أن الكتلة النقدية التي ينشر تفاصيلها مصرف لبنان أسبوعيا تدلّ بوضوح على محدودية التأثيرات التي تعرّضت لها الأسواق النقدية في لبنان بسبب الأزمة السياسية، مؤكداً على استمرار الاستقرار، خصوصاً بعد عودة الأسواق إلى نمط هادئ.

وفيما يتعلّق بالتطورات المصرفية والمعايير المطلوب تطبيقها دوليا، أشار سلامه إلى أن تطبيق هذه المعايير أمر ضروري لكي يبقى القطاع المصرفي اللبناني منخرطا في القطاع المصرفي العربي وفي العولمة المصرفية، وقد طبّق لبنان كلّ ما هو مطلوب لكي تكون المعايير المطبقة في القطاع المصرفي متوافقة مع مقررات بازل3 وتجاوزت ملاءة القطاع المصرفي الـ15%.، كذلك، فرؤوس الأموال متوفرة لتطبيق معيار الـ IFS9، لافتاً إلى أن القطاع المصرفي لديه ما يكفي من الاحتياط لمواجهة أي تباطؤ اقتصادي إن حصل خلال الأعوام القادمة.

أما بالنسبة لموضوع الامتثال للتشريع الدولي، أشار سلامه إلى أنّ الآليات الموضوعة وفعالية دوائر الامتثال في المصارف اللبنانية كفيلة بتأمين الإطار الصحيح لتنفيذ التزام لبنان باحترام القوانين الصادرة عن الدول التي نتداول بعملتها أو نتعامل مع مصارفها.

واعتبر أن تطوير أنظمة الدفع أساسي للتنمية الاقتصادية، لافتاً إلى أنّ مصرف لبنان يسعى إلى تطوير أنظمة الدفع هذه عبر خطة يهدف من خلالها إلى ترسيخ الأمان في التبادل الإلكتروني إضافة إلى وضع القوانين اللازمة وتطوير التقنيات الضرورية من أجل التوصّل إلى العملة الرقمية كوسيلة دفع إضافية.

 

دور محوري في تعزيز الاقتصادات وإعادة الإعمار

بدوره، أكد رئيس اتحاد المصارف العربية معالي الشيخ محمد الجراح الصباح أن “قطاعاتنا المصرفية العربية، تتمتّع بدور طليعي ومميّز في مرحلة تأمين التوازن المطلوب للاقتصادات العربية وخصوصاً بالنسبة إلى التنمية المستدامة، وذلك باعتبار أنّ المصارف العربية لا تنقصها الإمكانات ولا الكفاءات ولا الموارد البشرية، بل ينقصها الأمن والاستقرار ووضع الاستراتيجيات والخطط الداخلية للتعامل مع مجريات الأحداث، حيث يقدّر حجم الائتمان الذي منحه القطاع المصرفي العربي حتى نهاية عام 2016 بحوالي 1.9 تريليون دولار، وهو ما يشكّل نحو 77% من حجم الناتج المحليّ الإجمالي العربي، إضافة إلى الدور الهام الذي يلعبه هذا القطاع في تعميم المنتجات والخدمات المالية والمصرفية على العدد الأكبر من الأفراد والمؤسسات، وخصوصاً التوجّه إلى فئات المجتمع المهمّشة من ذوي الدخل المحدود، وهذا ما يمثّل عاملاً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز النموّ الاقتصادي.

من جهته ، اعتبر رئيس مجلس الهيئات الاقتصادية في لبنان عدنان القصار أن الوضع العربي بات يتطلب صحوة عربية حقيقية، وتعاوناً عربياً فعّالاً، من أجل إعادة العالم العربي إلى سكّة النمو والتقدم والتطور من جديد، وتحقيق الرفاه المنشود لمواطنيه، مؤكداً أنه “لا بد من وضع التكامل الاقتصادي العربي على سكّته الصحيحة، باتجاه إنشاء السوق العربية المشتركة بالسرعة الممكنة، مما يرفع من الناتج المحلي، وفرص العمل، وتعزيز التبادل التجاري والاستثماري، على مستوى العالم العربي ككل”.

وأكد القصار أن “هناك دور محوري وأساسي للقطاع المصرفي العربي في عمليات إعادة الإعمار والإنماء في دولنا العربية، وذلك بالتعاون مع الصناديق السيادية، وصناديق الإنماء وبنوك التنمية العربية”.

 

 

 

 

من ناحيته، أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الى أن “هناك رغبة واضحة لدى قطاع الأعمال والمستثمرين والشركات للانخراط في جهود جادة لإعادة الإعمار، وان العالم العربي يمتلك من الإمكانيات المالية والطاقات البشرية ما يسمح ببناء المدن التي هدمت بأفضل مما كانت”.

أما رئيس جمعية مصارف لبنان ورئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، جوزف طربيه، فأشار بدوره إلى أن مسألة “التحديّات الاقتصادية والإعمار والتنمية” تأتي في صلب اهتمامات اتحاد المصارف العربية.

وقد شهد المؤتمر تكريم محافظ البنك المركزي المصري ، طارق عامر، بجائزة “محافظ العام 2017″، كما تم تكريم الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني السابق ، حمود بن سنجور الزدجالي، والمستشار السابق في المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي ،سركيس يوغورادجيان، بجائزة “الإنجاز” .

 

توصيات المؤتمر

خرج المؤتمر بعدة توصيات أبرزها:

 

  • إجراء مسح وتقييم دقيق لحجم الخسائر الفعلية التي خلفتها الحروب بحسب القطاعات الاقتصادية كمقدمة لوضع تخطيط واقعي لعملية الاعمار والتنمية.
  • الطلب الى اتحاد المصارف العربية تشكيل لجنة متابعة للتواصل مع جامعة الدول العربية والقطاعات المصرفية والمؤسسات الدولية لبحث مسألة الإعمار والتنمية في منطقتنا العربية.
  • إنشاء مصرف إقليمي على غرار المصرف الآسيوي لإعمار المنطقة، والاستفادة من طريق الحرير الصيني الخاص بالمنطقة العربية، بإنشاء طريق حرير عربي للإعمار والتنمية.
  • تكليف اتحاد المصارف العربية ببذل الجهود لتوحيد المواقف بين القطاعين العام والخاص.
  • أكد المؤتمرون أن الاستثمار في الإنسان العربي يعتبر حجر الأساس للقيام بنهضة اقتصادية واجتماعية وبيئية.
  • انخراط قطاع الأعمال والمستثمرين والشركات في جهود جدية لإعادة الإعمار، شرط أن تكون هذه الجهود تكاملية وتكافلية.
  • حث المصارف العربية من خلال الإمكانات المالية والبشرية الكبيرة التي تمتلكها على المساهمة بشكل فعال في تعزيز التنمية الاقتصادية، ومشاريع إعادة الإعمار في الدول العربية .
  • مواءمة التحديات الاقتصادية المقبلة، مع متطلبات الإعمار والتنمية، مع دعوة منظمات الإغاثة المحلية والإقليمية والدولية، الى عدم حصر جهودها في توفير الضروريات الحياتية والحاجات الأساسية للمتضررين، بل الى توجيه خطط الإغاثة لتمرير مساعدات للتنمية.
  • التأكيد على دور المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية في تمويل خطط إعادة الإعمار والتنمية.
  • توسيع نطاق التعاون الاقتصادي العربي ليرتفع من مرحلة التجارة العربية البينية الى مستويات الاستثمار المشترك.
  • عقد شراكات استراتيجية بين المصارف العربية، وخلق تجمعات عملاقة لتشجيع الاستثمار العابر للحدود.

وضع خارطة طريق للنهوض بالمرحلة المقبلة ترتكز على 5 محاور هي: الاستقرار، وضمان صلابة الاقتصاد والنمو الاحتوائي، والاستفادة من التكنولوجيا، والتعليم وتحسين الحوكمة.

 

 

*************************************

مجلـــة البنك والمستثمر
العدد 205 _كانون الثاني 2018