الفجوة بين الرواتب والأجور تستدعي عقداً اجتماعياً حديثاً

أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان روجيه نسناس أن “المطلوب عقد اجتماعي حديث، خصوصاً أن ثمة خللاً راح ينشأ بين تطور أسعار الاستهلاك وتطوير مستوى الأجر الفعلي، وبرز ذلك على صعيد التقديمات الاجتماعية كخدمات التقاعد والصحة ونوعيّة التعليم، وتأمين الكهرباء والماء والنقل العام والرعاية الاجتماعية”، مشيراً إلى أن “هذا الأمر يستدعي بإلحاح أن يشمل العقد الاجتماعي الحديث إعادة النظر في نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وضمان الشيخوخة”. واعتبر أن “الحاجة باتت ملحّة إلى إرساء برنامج اقتصادي اجتماعي هادف، يأخذ في الاعتبار الأعباء المتراكمة، والحاجات الحالية الضاغطة، والمتطلبات المنشودة والكفيلة بأن تقود مجتمعنا إلى الترقّي الاجتماعي والمدني، كما يأخذ في الاعتبار تقلّبات الجوار وما تتركه من انعكاسات .كلام نسناس جاء خلال جلسة حوار عن “دولة الرعاية والحماية الاجتماعية” استضافها المجلس في اطار مشروع تعزيز الحوار الاجتماعي في لبنان، بالتنسيق مع الاتحاد الاوروبي ووزارة العمل، وفي حضور وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، المدير العام لوزارة العمل جورج ايدا، رئيس الاتحاد العمالي بشارة الاسمر، والخبير الاقتصادي كمال حمدان، وشخصيات سياسية واقتصادية اجتماعية وثقافية. دور القطاعين العام والخاص

لفت الوزير بو عاصي في كلمته إلى أهمية قيام عقد مجتمعي ايجابي بين الناس، متطرقاً الى دور القطاعين العام والخاص والمجتمع “اذ لا يمكن الفصل بينهم”، مشددا على ان “المواجهة اسوأ ما يمكن أن يجري بينهم”. وعن القطاع الخاص، شدد بو عاصي على “الدور المحوري والأساسي التي تؤديه الجمعيات في مساعدة آلاف الحلقات الضعيفة، فهي تجسد دورا ايجابيا بينها وبين المجتمع”. وركز على “ضرورة التطوع”، مشيرا الى أن “البلدان الاكثر تمتعا بالتعاضد الاجتماعي هي التي يكون التطوع اساسا فيها”. وأكد أن “الشركات يمكن ان تساعد في جوانب عدة لأنها جزء لا يتجزأ من الوطن”، لافتا الى ان “الشركات التي تتمتع بالمسؤولية الاجتماعية يعد وضعها افضل من غيرها”. وعن دور الدولة، أكد أن “من الافضل أن تتبع سياسة اجتماعية متكاملة مرتبطة بالضرائب.

تعمق الخلل الاقتصادي

من جهته، أشار حمدان إلى أن” النموذج الاقتصادي والاجتماعي المترسخ منذ عقود في لبنان لم يعد قابلاً للاستمرار، وقد ترسخت منذ التسعينات مجموعة من الظواهر التي انطوت، في مصلحتها العامة، على تعاظم استقطاب الثروة والدخل في البلاد، الأمر الذي انعكس بوضوح في تعمق الخلل بين مكونات الناتج المحلي القائم – الارباح الرأسمالية والاجور والفوائد – وفي ازدياد تركز الودائع (الثروة) و التسليفات .”

وتابع الخبير الاقتصادي: ” وكنتيجة لهذا الاستقطاب المتزايد، اتسعت دائرة الفقر والتفاوت الاجتماعي وتعمقت اوجه عدم المساواة، وانفصمت العلاقة بين الاجور، من جهة، وخطي الفقر الادنى والأعلى، من جهة ثانية، مع تميز هذه الظواهر بأبعاد قطاعية و منطقية ، في بلد يعاني اصلا انقسامات على غير صعيد”. وأضاف: “ينبغي الاقرار، في هذا المجال، بوجوب اعادة النظر في مفهوم الاتفاق الاجتماعي بصيغته الراهنة، وصولا الى اعادة تحديد معاييره وآليات الرقابة عليه وكذلك آليات التثبت من اثاره المباشرة على الفئات المحددة التي يستهدفها. كذلك ينبغي الانتقال من صيغة للإنفاق الاجتماعي تقوم على تشتت هذا الانفاق بين مشاريع معزولة ومنفصلة ولا ارتباط بينها، الى صيغة يصبح معها الانفاق الاجتماعي جزءا من خطة اجتماعية متكاملة ومحددة الاهداف والبرامج والمشاريع” .بدوره، تحدث ايدا عن “دور وزارة العمل في توفير فرص عمل للبنانيين والاستخدام العادل للعمال اللبنانيين واحياء المركز الوطني للتدريب المهني”، معتبرا ان “التعليم هو الاساسي في بناء الانسان”.

 

*************************************

مجلـــة البنك والمستثمر
تشرين ثاني 2017