السمان: شركات التأمين مستمرة رغم الأزمة

السمان: شركات التأمين مستمرة رغم الأزمة
قال الرئيس السابق للاتحاد السوري لشركات التأمين مهند السمان: إن شركات التأمين الخاصة مرّت بأوضاع صعبة خلال السنوات الخمس الماضية جرّاء الأزمة التي عاشتها البلاد، وعلى رغم ذلك لم تغلق شركة واحدة أبوابها ولم تسرح أياً من موظفيها، وهي استراتيجية وضع خطوطها العامة الإتحاد السوري لشركات التأمين الذي عمد الى افتتاح مراكز جديدة خلال الأزمة لضمان تقديم الخدمة للمواطن.

أضاف السمان في حديث لمجلة البنك والمستثمر، أن الشركات وإن كانت لا تزال تعمل، إلا انها حوّلت جزءاً مهماً من عملها الى التأمين الالزامي على السيارات الخاصة بالنظر إلى أنه أكثر أنواع التأمين رواجاً في السوق السورية تبعاً لكل ما أفرزته الأزمة من ظروف طالت السيارات.

الخلاف الذي وقع بين الإتحاد والسورية للتأمين بخصوص الحصص السوقية ما هي تفاصيله؟
الخلاف وقع حول مقدار الحصص السوقية من قطاع التأمين الإلزامي للسيارات الخاصة، بعد مطالبة المؤسسة العامة السورية للتأمين استبدال الحصص واستحواذها على 75 % من هذ القطاع، وهي تستحوذ أصلاً على 25 % منه الى جانب التامين الالزامي لكل ما له صلة بالقطاع العام، وتعود المسألة في أساسها إلى أن 12 من شركات التأمين تتقاسم نسبة 75 % من قطاع التأمين الالزامي للسيارات بمعدل 5 % لكل شركة، في حين تستحوذ السورية على 25 % منه الا ان السورية طلبت عكس النسب، ما يعني انخفاض نسبة الحصص الى 2 %.

ألم تنظم النصوص التشريعية عمل التأمين الخاص؟
بالعودة إلى انطلاقة القطاع، فقد فتح المرسوم رقم 43 للعام 2005 سوق التأمين في سورية، فجاءت الشركات الخاصة وافتتحت لنفسها اعمالاً بناءً عليه واعلنت وجوب ايجاد كل انواع التامين ومن ضمنها تامين المسؤولية المدنية للسيارات المعروفة بإسم التامين الالزامي، كما منع الاحتكار في السوق لصالح السورية للتامين وسمح للشركات مزاولة كل انواع التامين. وفي عام 2007 بدأ عمل الشركات يزدهر تبعا للمرونة التي تعمل بها، لجهة المحفزات التي تقدمها من حسومات وعمولات فكان اتجاه اكثرية المواطنين الى القطاع الخاص، حيث اجتمعت الشركات في عام 2009 وأقرت اتفاقية تجمّع التأمين الالزامي الداخلي للسيارات السورية المسجلة في مديريات النقل، وعليه أُسس هذا التجمع وحصلت السورية على النسبة الأكبر من السوق لوحدها (بالاتفاق معها) والبالغة 25 % من الالزامي الخاص غير الحكومي باعتبارها الأساس في سوق التأمين، بحيث يبدأ عمل كل شركة ضمن التجمّع بالنسبة للسيارات غير الحكومية في العقد السادس والعشرين والعقود الخمس والعشرين قبلها تبرم لصالح السورية أو تحول إليها، مع ابتعاد الشركات عن تأمين كل سيارة من القطاع العام، أي أن الإلزامي العام لها كاملاً بنسبة 100 %، في حين حصلت كل شركة تأمين من الشركات الاثنتي عشرة على حصة تعادل 5 % من التأمين  الالزامي الخاص.

ولدى تأسيس مراكز التأمين بشبكاتها ومقراتها وموظفيها ورواتبهم وتعويضاتهم بكل نفقاتها لم تطالب الشركات المؤسسة بنفقات تعادل حصتها البالغة 25 % بل بما يعادل حصة كل شركة والبالغة 5 % فقط.

هل جاء المقترح نتيجة توسع عمل الشركات على حساب المؤسسة؟
لا شك في أن شركات التأمين تعاني قلة العمل حالياً ولا نذيع سراً ان قلنا أن حجم اعمالها تدنى كثيراً نتيجة الأزمة بعد دخولها السنة السادسة، حيث تعمل غالبية الشركات في مجال التأمين الإلزامي وهي ظاهرة غير صحية ولكن هذا هو الممكن، ورغم ذلك لم تعلن أي شركة تأمين افلاسها أو خرجت من السوق ولم تسرح أي من موظفيها، كما بقيت تسدد ضرائبها في الوقت المحدد من دون تأخير وهي كلها مصنفة ضمن فئة كبار المكلفين، كما تلتزم تسديد اشتراكات موظفيها في التأمينات الاجتماعية، بل إن بعض الشركات سدد عن العام الماضي 2015 ضريبة تصل الى 150 مليون ليرة سورية، ونالت عنها كما الإتحاد، شهادات ثناء من الدوائر المالية.

كم يبلغ ما حققه “الإلزامي” خلال الفترة المنصرمة؟
حقق التأمين الإلزامي في كل انحاء سورية خلال النصف الاول من العام الجاري 2016 نحو 1,8 مليار ليرة سورية، وتحت رقابة هيئة الإشراف على التأمين. أضف الى ذلك ان الاتحاد باعتباره يتولى إدارة التجمّع يشغّل نحو 400 موظف ويدفع لهم رواتبهم، كما افتتح مراكز له في كل سورية، وللمرة الاولى توقع اتفاقية مع محافظة دمشق لوضع نافذة تأمينية في مركز خدمة المواطن للتخفيف عليه، اضافة الى إحداث مراكز في ارياف حماه وطرطوس لضمان مرونة الخدمة المقدمة للمواطنين وتأمين فرص عمل لأبناء تلك المناطق، ولكن المفاجأة كانت باقتراح استبدال النسب بحيث تصبح حصة السورية للتأمين 75 % من التأمين الالزامي الخاص و25 % لباقي الشركات على كثرتها، بحيث تكون حصة كل شركة نحو 2 %، فقط ما يعني عدم كفاية عائدات عملها لتغطية مصاريفها، إضافة الى الحوادث التي تطرأ وما يترتب عليها من نفقات. وعلى رغم تحقيق 1,8 مليار ليرة في النصف الثاني من 2016 إلا أنها أقساط يقابلها مطالبات ناجمة عن الحوادث والدعاوى القضائية وحتى بعض حالات التلاعب التي تحدث في أحيان متعددة، وكلها تمول من الاقساط.

ماذا عن النتائج المباشرة لهذا الأمر؟
لا شك في ان النتائج سلبية للغاية، ولكن الاتحاد يأمل من كل الجهات الحكومية المشرفة على الشركات التمهل في تطبيق هذه النسب كي لا تنعكس سلباً على شركات التأمين بالنظر الى ضخامة الحصة التي تقترح المؤسسة الحصول عليها والبالغة 75 % من التأمين الالزامي الخاص و100 % من التأمين الإلزامي الحكومي، أي ان المؤسسة تستحوذ، والحال كذلك، على 95 % من سوق التأمين، ناهيك بالصورة السلبية الناجمة عن إفلاس شركات التأمين أمام الخارج والمستثمرين العائدين الى البلاد وحتى الخارجين منهم، إضافة الى حتمية تسريح الموظفين نتيجة قلة العمل وتدني عائداته. ويمكن القول أن مصير الشركات سيتحدد على هذا الاساس، فإن أقرت النسب المقترحة سيفلس بعض الشركات لأن التأمين الالزامي الخاص يشكل نسبة كبيرة بمعدل 60 وحتى 77 % من إجمالي أعمال بعضها بالنظر الى عدم وجود أنواع اخرى من التامين، كالتأمين الهندسي الخاص بالعمران وتأمين النقل بالنظر الى الظروف العامة، إضافة الى خسارة التأمين الصحي تبعاً للأسعار الرائجة للعلاج.

ألم يضمن المرسوم عمل الشركات لدى قوننة دخولها السوق؟
في الواقع، المرسوم رقم 43 لم يقل بنسب محددة لكل جهة، ولكنه فتح المجال للعمل بكفاءة وتنافس عادل شريف، وعندما دخلت الشركات درست الجدوى الاقتصادية بناء على تكافؤ الفرص بين كل الاطراف، وهو أمر انعكس ايجاباً على صورة القطاع خارجياً، لا سيما وأن سورية (ممثلة بالاتحاد) فازت للمرة الثانية توالياً بعضوية اللجنة العليا للإتحاد العربي للتأمين، انتخاباً وليس تعييناً، وآخرها في العاصمة اللبنانية بيروت في الرابع والعشرين من أيار 2016 وذلك بعد المؤتمر السابق في شرم الشيخ في مصر حيث احرزت سورية المركز الاول، كما طلب الأردن تجربتنا في التجمع التأميني الالزامي لدرسها والاستفادة منها، وكذلك مصر، في حين ان الأمر يتجه حالياً لدينا للإلغاء.

أليس الاتحاد مستقل كونه من القطاع الخاص؟
الاتحاد السوري لشركات التأمين من القطاع الخاص ولا يتبع لأحد، والمرسوم 43 يقول انه قطاع مستقل، وبالتالي لا نعرف لهذا النهج سبباً، في حين ان الاتحاد يتعاون مع الهيئة ويزودها ربعياً بنتائج اعماله عن التأمين الالزامي.

اضف الى ذلك ان السورية للتأمين ممثلة في الاتحاد من خلال عضوية مديرها العام في مجلس ادارة الاتحاد والقرارات تناقش امامه ويوقع عليها كلها، ولم يتخذ قراراً واحداً الا بالإجماع وبموافقته.

هل يمكن القول بأن الاقتراح كان مفاجئاً تبعا للتنسيق القائم مع المؤسسة؟
المفاجأة كانت بالفعل من موقف المؤسسة تجاه الاتحاد كونها مطلعة كما الهيئة على عمله ونشاطه وما يقوم بطرحه وباستمرار، من منتجات تأمينية لم يقدمها قبله احد، وآخرها كان خدمة اسعاف السيارات، فمقابل قسط رمزي لا يتجاوز 500 ليرة سورية في السنة نقدم للزبون خدمة سحب سيارته وقَطرها من أي مكان في حال عطلها المفاجئ في أي نقطة في سورية الى مكان اصلاحها المعتمد لثلاث مرات في السنة الواحدة، وهي كلها منتجات تدعم عمل الشركات وتؤمن لها إيرادات إضافية نتيجة قلة العمل.

 

مجلــــة البنك والمستثمر
العــــدد 190
تشرين الأول