ممر مائي جديد يهدد قناة السويس

تسعى كل من روسيا وإيران وأذربيجان لإقامة ممر جديد يربط شمال أوروبا بالهند، والخليج العربي عبر إيران وروسيا وأذربيجان، ليصبح أحد أرخص الطرق من آسيا إلى أوروبا، لكنه قد يهدد الأهمية الإستراتجية لقناة السويس.

ويصل طول الممر الذي سيربط بين مدينتي سان بطرسبرغ الروسية ومومباي الهندية إلى 7200 كم، ما سيُمكن الدول الأوروبية وروسيا من الاتصال عبر الخليج العربي وخليج عمان بطريقة اقتصادية للغاية.

ومن المتوقع أن يؤثر هذا المشروع في حال إنشائه على قناة السويس، خاصة أن القناة الجديدة توازي قناة السويس من حيث الطبيعة الجغرافية، لكنها تختصر الكثير من الوقت وتقلص النفقات المادية لنقل البضائع، كما أن المشروع لا يقتصر على البعد البحري بل يتضمن سككاً حديدية وخطوط نقل برية.

فكرة المشروع

وتعود فكرة المشروع لعام 2000، ليتم انجازه من قبل إيران والهند وروسيا، إلا أن العقوبات المفروضة على طهران وموسكو حالت دون إتمام بناء الممر (الشمال – الجنوب)، وخضعت هذه الفكرة للاختبار الأولي في عام 2014، وذلك عبر نقل بضائع من الهند إلى العاصمة الأذربيجانية باكو وأستاراخان الروسية عبر ميناء بندر عباس في إيران، وأظهر الاختبار أن تكاليف النقل تقلصت بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طن، إضافة لاستغراقه 14 يومًا فقط، مقابل 40 يومًا عبر قناة السويس. لكن  تنفيذ هذا المشروع يكتنفه كثير من الصعوبات، تتمثل في المسافة الكبيرة، بالإضافة إلى التكلفة العالية، والتضاريس الصعبة، حيث ذهب البعض للقول أن هذا المشروع يعد “مغامرة بيئية خطيرة على إيران”.

التنفيذ

وأصرت موسكو وطهران وباكو على التعاون لتنفيذ هذا الممر، عبر الانتهاء من مشاريع لربط خطوط السكك الحديدية، ضمن خطط تطوير وتحسين أداء ممر النقل الدولي “الشمال – الجنوب”. فقد تم المضي قدماً بإنشاء سكة حديد تمتد على مسافة 165كم تربط بين إيران وأذربيجان ومن المتوقع أن تنتهي قريباً، كما يتضمن هذا المشروع بناء خط (رشت – استارا) الذي سيربط خطوط السكك الحديدية بين روسيا وأذربيجان وإيران، وكذلك تطوير البنية التحتية الجديدة لتسهيل التبادل التجاري ونقل البضائع بين دول أوروبا والخليج العربي وجنوب آسيا، ويخطط هذا المشروع  ضمن المرحلة الأولى لنقل 5 ملايين طن من البضائع سنويًا، على أن تبلغ مستقبلاً على أساس سنوي حوالي 10 ملايين طن.

الأهمية الإستراتيجية

وترى الدول الثلاث وفي مقدمتهم إيران أن المشروع ذو أهمية إستراتيجية كبيرة، حيث يمكن أن تتحكم هذه الدول في حلقة وصل بين شرق آسيا والمحيط الهندي والخليج من جهة، والدول في شمال شرق ووسط أوروبا. كما تراه إيران بديلاً للنفط كمصدر أساسي للدخل،لاسيما مع المكانة التي سيحتلها عالمياً في تجارة المرور الدولية، لأنه سيقلص الوقت والمسير في نقل البضائع والحاويات من أوروبا إلى الخليج وجنوب آسيا. أما من جانب روسيا، فسيمنحها مدخلًا استراتيجيًا لمياه المحيط الهندي، وهو ما سيعزز نفوذها بين الدول التي تعمل على تقليل الاعتماد على قناة السويس، بسبب موجة الكساد العالمي التي أجبرت شركات النقل إلى البحث عن ممرات أوفر. كما تستهدف روسيا أيضًا الوصول إلى المياه الدولية في المحيطين الهادئ والأطلسي بطرق أكثر أمنًا، لذلك فان الوصول إلى هذه المناطق من خلال المياه الدافئة هو هدف استراتيجي للروس، بالرغم من استطاعتهم الوصول إليها عبر المياه الباردة

وهذا الطريق الجديد يمكنه حمل البضائع من الهند إلى أوروبا، مع توفير 50% من الزمن الذي تحتاجه عبر قناة السويس، لذا سيكون بديلًا ومنافسًا قويًا كما يتوقع القائمون عليه.