تداعيات الحرب النفطية تطال جميع الدول المنتجة

أسعار الخام عند أدنى مستوياتها منذ الأزمة العالمية

تداعيات الحرب النفطية تطال جميع الدول المنتجة

 

 

 

وجهت سياسة عدم تخفيض انتاج النفط التي اعتمدتها منظمة “أوبك” ضربة موجعة لروسيا وشركات استخراج النفط في خليج المكسيك وأيضا لمنتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة، وحدّت من قدرة مصادر النفط غير التقليدي مثل الزيت الصخري والرملي على الاستمرار في التوسع والانتاج في ظل تهاوي الأسعار الى أقل من 40 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ أواخر عام 2008 ، لكنها زعزعت في المقابل ميزانيات الدول الأعضاء في “أوبك” لاسيما الخليجية منها، الامر الذي يثير شكوكاً حول قدرة تلك الدول وبشكل خاص السعودية على تحمل عبء وتبعات هذه السياسة.

 

موقف سعودي ثابت

 

أشار تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية الى أن السعودية مستعدة للصمود فترة طويلة من تقلص الايرادات النفطية وسط توقعات بعودة ايران بقوة الى السوق واغراقه بنصف ميلون برميل يوميًا اضافياً، لكنه لفت في المقابل إلى أن الأسعار المتدنية تؤثر على المملكة التي تتحمل اعباء ثقيلة في الدفاع عن الأمن الاقليمي للخليج العربي ودعم مصر والسلطة الفلسطينية والانفاق على مكافحة الارهاب ناهيك عن مشاريع التنمية والتطوير في السعودية.

 

وتؤكد ميزانية السعودية التي طرحت لمعالجة العجز البالغ 98 مليار دولار والاجراءات الاصلاحية رغبة المملكة بالاستمرار في سياستها الانتاجية.

وفي هذا السياق، قال وزير البترول السعودي علي النعيمي “إن المملكة لا تفرض قيودًا على إنتاجها النفطي ولديها الطاقة الإنتاجية التي تتيح لها تلبية طلب إضافي. وأن الزيادة في الانتاج تتوقف على طلب الزبائن وإن المملكة تفي بطلب زبائنها ولديها القدرة على تلبية الطلب”.

 

ويرى محللون غربيون أن السعودية وهي القائد الفعلي لمنظمة اوبك تبقى مستعدة لقبول اسعار منخفضة على المدى الطويل للضغط على المنتجين غير التقليديين أي منتجي الزيت الصخري والزيت الرملي في الولايات المتحدة وكندا.

كما أشار تقرير الفايننشال تايمز الى ما ادلى به خالد الفالح رئيس مجلس ادارة ارامكو مؤخرًا عندما قال: نتوقع حدوث توازن في اسواق النفط عام 2016 حيث ان الطلب سيفوق العرض والسعودية قادرة على الانتظار.

 

العصف بالميزانيات

 

في المقابل، حذر صندوق النقد الدولي من أن الدول الخليجية ستواجه عجزًا يناهز الـ 1000 مليار دولار على مدى 5 سنوات في حال استمرت الأسعار بالهبوط لأقل من 50 دولاراً للبرميل ،لافتاً إلى أن ايرادات تلك الدول هبطت بمقدار 275 مليار دولار عام 2015 ،وأن خسائر الدول الأعضاء في أوبك بلغت 436 مليار دولار في العام الماضي.

 

 

التأثير على المنتجين من خارج أوبك

 

ذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذر في تشرين الأول/ اكتوبر 2015 من أن بلاده ستواجه أزمة اقتصادية حادة في حال استمرت أسعار النفط دون مستوى 80 دولاراً للبرميل. واشار التقرير الى أن روسيا تحتاج الى سعر لا يقل عن 50 دولاراً للبرميل لكي تستطيع تحمل عبء عجز مالي بحدود 3% من ناتجها الاجمالي، لافتاً إلى ان الروبل الروسي فقد أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار بسبب هبوط سعر الخام.

وفي الولايات المتحدة فقد قطاع النفط والغاز 90 الف وظيفة في عام 2015 وافلست العديد من الشركات وتقلص انتاج شركات الزيت الصخري بنسبة 17% حسب تقارير رسمية.

وفي كندا تشير تقارير الى زيادة نسبة الانتحار في صفوف الموظفين الذين فقدوا وظائفهم في قطاع انتاج الزيت الرملي في البيرتا وساسكاتشيوان كنتيجة مباشرة لانهيار الأسعار.

 

توقع تحسن الأسعار

يتوقع مختصون وخبراء في النفط تحسن الأسعار في 2016 لأسباب عديدة، أبرزها انخفاض الاستثمارات البترولية في مناطق مختلفة من العالم، خصوصًا المناطق المنتجة ذات التكلفة العالية، ما يعني انخفاض العرض مقابل الطلب المتنامي.

وبناء على مؤشرات وأرقام وخطط الشركات البترولية للعام 2016، يتوقع خبراء نفطيون أن تنتهي دورة انخفاض الأسعار في الثلث الثالث من 2016، وأن ترتفع الأسعار تدريجيا لتتجاوز سقف 60 دولاراً للبرميل في الربع الأخير من العام الحالي.

ومع ذلك، يثير البعض مسألة تأثير ارتفاع معدل المخزون العالمي الذي قد يتحكم في السعر لفترة قد تبلغ عامًا، عندما تنتعش الأسعار، ليقوم المخزون بإعادة تذبذب الأسعار إلى السوق من جديد.