النظام المصرفي اللبناني لا يزال قوياً رغم التباطؤ الاقتصادي

أظهر تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي (The Institute of International Finance)، بالتعاون مع مديرية البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس، أن الاقتصاد اللبناني يعاني من جمود مستمرّ، مشيراً إلى أن المماطلة في تطبيق الإصلاحات البنيوية والتأخير في تشكيل الحكومة أثّرا سلباً على الاستهلاك واستثمار القطاع الخاص.

ولفت التقرير إلى أن “المشاحنات السياسية المحلية تؤخّر انطلاق عملية الإصلاحات الهيكلية الضرورية التي من شأنها رفع مستويات النمو والحدّ من البطالة. وأن التأخير في تشكيل الحكومة يقف عائقاً أمام استفادة لبنان من 11 مليار دولار من القروض والمِنح المقدّمة بشروط ميسّرة، والتي تعهّد بها المجتمع الدولي في نيسان/ابريل 2018”.

الاصلاحات تحفز النمو

وفي معرض تعليقه على التقرير، قال كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي غربيس إيراديان انه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 1,3% في عام 2018، مقارنة بمعدل نمو قدّره المعهد بـ1,8% في العام الماضي، مشيراً إلى أن التوصل إلى توافق على تأليف حكومة فاعلة، بالإضافة إلى تطبيق الإصلاحات الهيكلية بما فيها الإصلاحات في المالية العامة ومعالجة المشاكل المزمنة في قطاع الكهرباء، من شأنه أن يحفز النمو ويرفع مستوياته في الأعوام المقبلة، ويساعد أيضاً على خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلّي إلى مستويات أكثر استدامة.

وأكد إيراديان أن النظام المصرفي اللبناني لا يزال صلباً ويتمتع بمستوى عالٍ من السيولة بسبب ثقة المودعين المستمرة والتحويلات المستقرة نسبياً من قبل الانتشار اللبناني الواسع. كما أن الليرة اللبنانية لا تزال مستقرّة وثبات سعر صرفها بالنسبة إلى الدولار الأميركي سيستمر، مدعوماً بحجم مرتفع لاحتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية.

وتابع: ان خفض مستوى الدين العام يتطلب تدابير حازمة وإصلاحات هيكلية لخفض العجز في الموازنة العامة بشكل ملحوظ ومستدام. وإن حجم الإصلاحات المطلوبة في المالية العامة يتطلب إجراءات لضبط الإنفاق وتحسين الإيرادات، بما في ذلك ضبط فاتورة أجور القطاع العام، وإصلاح نظام التقاعد في القطاع العام، وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء للحدّ من تحويلات الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان؛ وتحسين الامتثال الضريبي من خلال مكافحة التهرّب.

القطاع المصرفي متين والليرة مستقرة

أما كبير الاقتصاديين ورئيس مديرية البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل فقال: كان في إمكان لبنان تجنّب التباطؤ الاقتصادي السائد لو بذلت الجهات السياسية والمسؤولون الرسميون جهداً جماعياً لإعطاء الأولوية للتحديات الاقتصادية والمالية من خلال التركيز على الإصلاحات التي من شأنها تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد وجاذبيّته. لكن التراجع المستمر في نوعية الخدمات العامة، وتدهور البنى التحتية، واتساع حجم القطاع العام، وارتفاع الأعباء التشغيلية على الشركات، هي أمور تعيق النشاط الاقتصادي.

وشدّد غبريل على أنه “بالرغم من التباطؤ الواضح في الحركة الاقتصادية، تدل المؤشرات الأساسية إلى استمرار الاستقرار في المالية العامة وسعر صرف الليرة اللبنانية والقطاع المصرفي، وهي عوامل توفر فرصة للأطراف المعنية لتطبيق الإصلاحات الهيكلية ومساعدة الاقتصاد على الاستفادة من الدعم المالي الدولي”.

كذلك اعتبر أن “الاقتصاد اللبناني يتطلب جهوداً من قبل الجهات السياسية وعلى مستوى السياسات العامة، من أجل إعادة انتعاش ثقة المستهلك والمستثمر”. وقال: هذه إن حصلت، بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، ستؤدي إلى رفع نسبة النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى وأكثر استدامة.

وأضاف: “على المسؤولين عدم التراخي وتجنب المماطلة، بل البدء في معالجة التحديات المستقبلية للحدّ من الخلل في المالية العامة والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي”.

 

*************************************

مجلـــة البنك والمستثمر
العدد 214 _تشرين أول 2018