عقود للنفط بالبترويوان بديلاً من البترودولار

يوم 26 مارس/ آذار 2018 قد يكون يوماً فارقاً في تاريخ أسواق النفط العالمية، وهو اليوم الذي أطلقت فيه الصين عقوداً آجلة للنفط الخام مقومةً باليوان الصيني أي البترويوان كبديل عن البترودولار المسعر للنفط حالياً، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام كثيرٍ من التساؤلات عن مدى فاعلية هذه الخطوة، والغرض الأساس منها، والتغيرات الدولية المحتملة.

وعلى ما يبدو، فإن الصين اتخذت الإجراء الجديد مدفوعةً بقوتها كأكبر مستورد للنفط في العالم متفوقةً على الولايات المتحدة الأميركية، حيث أظهرت بيانات الجمارك الصينية أنها استوردت 36.11 مليون طن من النفط الخام بما يعادل 8.79 مليون برميل يومياً في يونيو/حزيران من العام الماضي 2017، وبلغت وارداتها النفطية في مجمل 2017 نحو 420 مليون طن بزيادة بنحو 10.7% عن مستواها في 2016.

تقوية اليوان وإضعاف الدولار

يرى خبراء أن الصين تسعى من خلال ذلك إلى التقليل من هيمنة الدولار الأميركي على التعاملات التجارية النفطية, لا سيما أن الدولار يعد العملة الوحيدة التي يتم بها تسعير النفط في البورصات، وبالتالي فإن جميع عمليات التبادل التجاري بين المصدرين والمستوردين تتم بالعملة الأميركية. وتشير القراءات الأولية إلى أنها امتداد للصراع الاقتصادي بين أقوى اقتصادين في العالم (الصين والولايات المتحدة) بحيث يكون النفط هنا ساحةً جديدةً لفرض مزيدٍ من الهيمنة الصينية وكسر الهيمنة الأميركية على أسواق المال. ويرى مراقبون أنها ستكون بداية لسحب الغطاء النفطي عن الدولار وإضعافه، وفيها ستجد بكين مصدراً هاماً لفرض عملتها وزيادة قوتها لاحتلال مراكز قيادية بين العملات العالمية مثل الدولار واليورو.

إن تحويل جزء من تجارة النفط العالمية إلى اليوان سيمثل حدثاً ضخماً، لا سيما وأن النفط هو السلعة الأولية الأكثر تداولاً في العالم بحجم تجارة سنوي يقدر بنحو 14 تريليون دولار أي ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي للصين في العام الماضي. ونقلت رويترز عن مصدر مطلع أنه في إطار الخطة قد تبدأ بكين بشراء النفط من دول ترغب في كسر السيطرة العالمية للدولار مثل روسيا وأنغولا. وستكون هذه خطوة مهمة في استخدام عملة ثاني أكبر اقتصاد في العالم في المدفوعات الخارجية بعد أعوام عدة من المحاولات المتقطعة. وإذا نجح ذلك فقد يؤدي إلى سداد مدفوعات منتجات أخرى باليوان مثل المعادن والمواد الخام، بحسب رويترز.

التغلب على الحظر

من جهة أخرى، قد تحمل هذه الخطوة بشرى سارةً للدول التي تعاني حظراً أميركياً على تصدير النفط بحسب خبراء، لأن ذلك يسمح لها ببيع نفطها في هذه البورصة باليوان. وبالتالي، فلن تكون محتاجة للدولار. وهذا ما يتطابق مع تصريحات سابقة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو حين أكد أن بلاده ستبيع النفط بعملات غير الدولار من بينها اليوان الصيني والين الياباني والروبل الروسي.

 

*************************************

مجلـــة البنك والمستثمر
العدد 209 _أيّار 2018