السورية للتأمين تقود السوق بمنظومة جديدة

السورية للتأمين تقود السوق بمنظومة جديدة

 

عملت المؤسسة العامة السورية للتأمين خلال الفترة الماضية على إعادة هيكلة شاملة لمنظومة التأمين الصحي لديها، وفي مقدمها تعديل تعرفة التأمين الصحي للقطاع الإداري وإقرار تعرفة جديدة لأسعار الخدمات الطبية، بما يرفع من سوية الخدمات الطبية ويتماشى مع الزيادات المتلاحقة في أسعار الاجراءات الطبية (أدوية-مشافي-مختبرات وغيرها).

مجلة البنك والمستثمر أجرت حديثاً مع المدير العام للمؤسسة الدكتور ياسر المشعل الذي تحدث عن مشاريع الهيئة ونشاطاتها وجديدها.

وفيما يلي نص الحديث:

 

  • تم مؤخراً اصدار تعرفة جديدة للتأمين الصحي للقطاع الإداري، ما هي أبرز التعديلات التي طالت بوليصته؟

تضمنت البوليصة الجديدة إجراء تعديلات على قيمة التغطيات، فبالنسبة للأدوية المزمنة تمت إضافة مبلغ 25 ألف ليرة سورية للسقف المالي خارج المستشفى والذي يبلغ 50 ألف ليرة)، كما تم اعتبار السقف التأميني داخل المشفى (500 ألف ليرة) هو الحد المالي السنوي مع عدد زيارات مفتوح.

وفي ما يتعلق بنسب التحمل وتعدد الزيارات والحد التأميني، أصبحت نسبة التحمل على الأدوية والمختبرات والعلاجات الشعاعية والإجراءات داخل المشفى 25% ليتحمل المؤمن له جزء من التكلفة المتزايدة ويخفف من حالات سوء الاستخدام على أن يكون الحد المالي لهذه الإجراءات 50 ألف ليرة سورية. وبالنسبة لاحتساب زيارات الطبيب فإنه يحق للمؤمن 12 زيارة إجمالية خلال العام لكل العلاجات، باستثناء الأدوية المزمنة.

 

  • بناء للتعديلات، هل هناك زيادة على البدل التأميني، وفي حال وجودها كيف ستكون نتائجها على المؤمن لهم؟

بالتأكيد، أصبح بدل التأمين على المؤمن (500 ليرة سورية) شهرياً بدلاً من 250 ليرة بحصة سنوية للمؤمن له (6000 ليرة). وهذا التعديل سيخفف من حالات التذمر لدى المؤمن له بعدم كفاية الحدود التأمينية للبوليصة، كما سيوفر خدمة لائقة له وفي الوقت ذاته سيحد ذلكمن حالات سوء الاستخدام بشكل كبير.

 

  • كان تركيزكم خلال الفترة الماضية على ضبط حالات سوء الاستخدام، هل التعرفة الجديدة ستساهم في حل هذه المشكلة؟

بالطبع، كان ايجاد الحل لمشكلة سوء استخدام البطاقة التأمينية أحد أبرز النقاط التي ركزنا عليها عند وضع التعرفة الجديدة، لذلك تمت إعادة النظر بالأتعاب الإدارية التي تتقاضاها شركات الإدارة حيث تحتسب الأتعاب الإدارية بنسبة من البدل التأميني، ولا تتقاضى الشركة أي أتعاب من المطالبات الخاصة بالمؤمن لهم، كذلك يجري تحويل حصة شركات الإدارة من الاقتطاعات إلى المؤسسة، مع تبني نظام جديد للمحاسبة مع شركات الإدارة يقوم على تشارك الربح والخسارة وتبني معدل الخسائر (الذي يمثل نسبة الزيادة في المطالبات قياساً للبدلات) كأساس لاحتساب أتعاب الشركة التي ستحصل على نسبة من البدل فقط. كما أن زيادة معدل الخسارة سيرتب على الشركة أنخفاضاً في الأتعاب الإدارية الخاصة بها بحيث تتم المباشرة بسحب عقودها في حال زاد معدل الخسارة عن 150%، وتتوزع نسب معدلات الخسارة وفق فئات يحدد بناء عليها الإجراء الذي سيتخذ بحق شركة الإدارة.

وبناء لذلك، إذا تراوح معدل الخسارة بين 141% إلى 150% لن تمنح الشركة عقوداً جديدة، مع سحب 10% من محفظة الشركة وإسنادها للشركات التي تحقق أقل معدل خسارة، وفي الحالات التي تكون نسب الخسارة لدى شركات الإدارة تتراوح بين 151% و 180% لن تأخذ شركة الإدارة عقوداً جديدة، ويتم سحب 25% من محفظتها الشركة، وتسند للشركات التي تحقق أقل معدل خسارة. وعندما تصل شركة الإدارة لمعدل خسارة بين 181% إلى 200% سيتم سحب 50% من محفظتها وإسنادها لشركة أخرى. أما في حال تخطي معدل الخسارة نسبة 200%، فستقوم المؤسسة بسحب كامل العقود وإلغاء التعاقد مع الشركة. كما طلبت المؤسسة العامة السورية للتأمين صلاحية أكبر تمكنها من فرض عقوبات على مزودي الخدمة، وعلى المؤمن لهم في حال إساءة الاستخدام. وستكون هذه الآلية أساساً في اعتماد شركات الادارة والرقابة عليها.

 

  • قمتم مؤخراً بإصدار تعرفة جديدة للخدمات الطبية، ما الهدف وكيف سينعكس ذلك على مستوى الخدمة؟

أقرت المؤسسة تعرفة جديدة لتسعير الخدمات والتعرفات الطبية، تنفيذاً لخطة إصلاح منظومة التأمين الصحي التي أقرتها رئاسة مجلس الوزراء مؤخراً، مع الأخذ بالاعتبار التغيرات الكبيرة الحاصلة في أسعار الخدمات الطبية والمستهلكات وغيرها من الأمور ذات العلاقة. وتم بذلك توحيد التعرفة ضمن إطار بوليصة التأمين الصحي، والتي تشمل الخدمات داخل المشفى وخارجه مع إعادة النظر في تصنيف المشافي ضمن “الباكيج” (A,B,B+).

وفي تفاصيل القرار، فقد تم وضع صيغة عقد موحدة للمشافي تشمل كل الخدمات التي يمكن تقديمها للمريض ضمن المشفى، مع تحديد أسعار للخدمات والإجراءات في المشفى على ثلاث فئات حسب التصنيف التأميني للمشفى وإمكانياته. كما تم وضع بدل للخدمات الفندقية وأجور الأجهزة الطبية والشعاعية، إلى جانب التدقيق بواقع العقود مع المشافي واقتراح عقود جديدة.

وتم أيضاً تحديد أجور المعاينات في العيادات الطبية والمراكز والمشافي للأطباء الأختصاصين حسب عدد سنوات الخبرة والأطباء العامين، ووضع القرار أسعاراً للمراكز الشعاعية يتناسب مع وضع العمل في هذه المراكز، سواء كانت ضمن المشفى أو خارجه، كذلك تمت إعادة النظر بأسعار جلسات تفتيت الحصى، ووضع أسعار تفضيلية للفحوص القلبية التشخيصية والعلاجية وجراحة القلب.

وسينعكس هذا الإجراء برفع سوية الخدمات الطبية المقدمة للمؤمن لهم، وضمان حسن التعامل معهم من قبل مزودي الخدمة.

  • كيف ستضمن المؤسسة العامة السورية للتأمين التزام مزودي الخدمة تطبيق التعرفة الجديدة؟

تضمن القرار الصادر عن المؤسسة، وضع شروط جزائية تلزم مزود الخدمة التقيد بشروط العقد، ومن ضمن ذلك أنه يجب على المشفى إعلام المؤسسة أصولاً برغبته بفك العقد قبل شهر من تاريخ إيقاف العمل بالعقد وإلا سيطبق حسم (15%) من مطالبات شهر غير مسدد، وفي حال ورود شكوى مثبتة على المشفى (عدم استقبال مريض، تقاضي مبالغ إضافية، استقبال مرضى شركة إدارة نفقات محددة وعدم استقبال مرضى من شركة أخرى…) يطبق حسم (5%) من مطالبات شهر غير مسدد.

وفي حال تعديل الفواتير أيضاً أو تغيير تسميات الإجراءات الطبية المقدمة للمريض بغاية تحصيل مبالغ غير مبررة أو تصدير فواتير للمستهلكات أو بدائل صناعية لا تتماشى مع الأسعار الرائجة، فيطبق حسم (5%) من مطالبات شهر غير مسدد،  أما في حال تكرار الشكاوى المثبتة على المشفى، فيتم ايقاف العقد وإحالة الملف إلى لجنة سوء الاستخدام لاتخاذ الاجراءات القانونية.

 

  • هل من منتجات تأمينية جديدة تعملون على إطلاقها خلال الفترة القادمة؟

أطلقت المؤسسة مؤخراً أول بوليصة للتأمين الزراعي والحيواني في السوق السورية، وشملت المرحلة الأولى من تطبيق البوليصة تفعيل الجانب المتعلق بالتأمين الحيواني (الأبقار –البكاكير أثناء وجودها في الحجر البيطري). وتغطي البوليصة، حالات النفوق الطبيعي بحيث يستثنى النفوق الناتج عن سوء الحجر والناتج عن سوء التغذية أو سوء الخلطة العلفية، أو المرض قبل وصولها إلى الحجر- حالات الاجهاض- حالات الولادة ونفوق المواليد. وفي حال حدوث حريق تطبق شروط عقد الحريق. على أن تكون مدة تغطية الأخطار لهذه البوليصة خلال فترة وجود الأبقار ضمن الحاضنة، تبدأ من تاريخ اعلام المؤسسة بوصول الأبقار وتنتهي بإعلام المؤسسة بخروجها من الحجر مكان التأمين. وتستفيد من هذه البوليصة فئة المستوردين.

وتتضمن تفاصيل البوليصة الأولى التي أطلقتها المؤسسة، موافقة مؤسسة التأمين على (1600) رأس بقر بقيمة تتجاوز ملياري ليرة سورية في محافظة طرطوس، وحددت البوليصة مبلغ الإعفاء لكل حادث بـ 3 ملايين ليرة سورية.

وفي المقابل، يتوجب على المؤمن له أن يمتلك سجلات تثبت دخول الأبقار إلى الحجر الصحي، ويعتبر هذا التاريخ هو المحدد لسريان العقد، أن يمسك جداول يبين فيه الوضع الصحي للأبقار أثناء الدخول.

أما بالنسبة لشروط التأمين، فهي تقتضي الكشف على مكان الحجر وصلاحيته لاستيعاب هذا الكم من الأبقار من حيث الشروط الصحية ووجود جداول لشهادات صحية، كما أنه ينطبق على العقد ما ينطبق من شروط على عقد الحريق في حال وقوع أي خطر حريق أدى إلى نفوق الأبقار. وتأتي أهمية إطلاق مثل هذه البوليصة من قبل المؤسسة العامة السورية للتأمين، كونها أول بوليصة من نوعها يتم إطلاقها في سوق التأمين السورية في مجال التأمين الزراعي الذي ينعكس بشكل ايجابي على الفلاح والقطاع الزراعي والاقتصاد الوطني بشكل عام،  لا سيما وأنه خلال الفترة الأخيرة تركز الحديث حول ضرورة أن تكون لدى شركات التأمين السورية بوالص للتأمين الزراعي والحيواني، وبالتالي جاءت المبادرة الأولى في هذا المجال من قبل المؤسسة العامة السورية للتأمين، على أن تكون خطوة أولى تتبعها خطوات لاحقة من قبل الجهات الأخرى المعنية بقطاع التأمين في سورية، من شركات وهيئات.

كما أن هذه الأنواع من التأمين تلبي متطلبات السوق في الوقت، من حيث تقاسم عبء الخطر مع المستورد والمزارع، كذلك فهي تؤمن أيرادات جيدة للمؤسسة. يضاف إلى ذلك أن نسبة الخطر في هذه البوليصة مقبولة وهي توازن بين مصلحة المؤسسة والمستورد.

وعلى صعيد تقديم منتجات تأمينية جديدة، ستبدأ المؤسسة قريباً بتقديم منتجات التأمين المتناهي الصغر، وهو برنامج تأمين (برنامج التأمين على الحياة) يستهدف الأفراد ذوي الدخل المحدود وغير القادرين على شراء برامج وبوالص التأمين التقليدية، حيث لحظت المؤسسة من خلال دراسة وضع السوق انخفاضاً في الدخول وعدم قدرة فئة كبيرة في المجتمع السوري على الإفادة من الخدمات التأمينية، وبالتالي هذا الأمر يحتم علينا كشركات التوجه نحو التأمينات الصغيرة. ويستهدف هذا البرنامج الفئات من عمر 18 إلى 55 سنة.

 

  • كيف يتجلى دور المؤسسة العامة السورية للتأمين كمساند للشركات الأخرى في السوق؟

يمكن القول أن المؤسسة بدأت تمارس دورها كمساند لشركات التأمين الأخرى، من عملها كمعيد تأمين لعدد من شركات التأمين المحلية حيث أبرمت المؤسسة اتفاقية إعادة تأمين مع الشركة السورية الأسلامية للتأمين، وشملت تغطية أعمال الشركة بموجب ثلاث اتفاقيات (اتفاقية الحريق والنقل والهندسي، اتفاقية الحياة، اتفاقية السيارات). علماً أن المؤسسة العامة السورية للتأمين هي مساهم مؤسس بالشركة السورية الإسلامية للتامين وتمتلك 10% من أسهمها.

ومن خلال هذه الاتفاقية، تكون المؤسسة قد ساعدت على تجاوز العقوبات الخارجية التي تسببت بعدم قدرة شركات التأمين السورية على التعاقد مع معيدي تأمين خارجيين لتغطية أخطارها، وبالتالي أوجدت بديلاً وطنياً عن المعيد الخارجي. وسيساهم ذلك أيضاً في الحد من استنزاف العملة الأجنبية إلى المعيدين الخارجيين، ما سيؤمن أرباحاً للمؤسسة وموارد إضافية ترفد بها الخزينة العامة.

  • كيف تقيمون وضع المؤسسة داخل سوق التأمين السورية؟

استطاعت المؤسسة العامة السورية للتأمين خلال الفترة الماضية تحقيق قفزات نوعية، سواء على صعيد رفع سوية الخدمات التأمينية التي تقدمها أو تقديم خدمات ومنتجات جديدة لا تقدمها شركات التأمين الأخرى، وهذا يجعل من المؤسسة لاعب رئيسي في سوق التأمين السورية وعنصر فاعل من عناصر تنظيم هذه السوق وتطورها. كما استطاعت المؤسسة اليوم تجاوز كل الصعوبات والمشاكل التي تعرضت لها خلال سنوات الأزمة، وباتت تسير على خطى واضحة معتمدة على استراتيجية محددة لتطوير الأعمال وتحديث آليات العمل لديها.

وعلى صعيد آخر ما زال العمل جارٍ حالياً على تطوير البنية التحتية للمؤسسة وتطوير الكوادر وتطوير الشكل القانوني لها، ليمنحها المرونة الأكبر والإدارة الفاعلة، وفي الوقت نفسه تعمل على دراسة الحاجات التأمينية للسوق السورية واقتراح منتجات جديدة تناسب عملها. إضافة إلى اقتراح الحلول التقنية اللازمة وتطبيقها بما يسهم في تطوير آليات العمل.

 

مجلـــة البنك والمستثمر
العدد_197_أيار_2017