الاستثمار العقاري يعود إلى الواجهة الاقتصادية في 2017

مقال رأي:

 

الاستثمار العقاري يعود إلى الواجهة الاقتصادية في 2017

بقلم سالم أحمد موسى، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة “فالكن سيتي أوف وندرز”

 

كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن الوضع الاقتصادي للدول المصدّرة للنفط في ظل تراجع أسعار النفط العالمية وتوجّه الحكومات المحلية نحو اعتماد سياسات تقشفية واحترازية كجزء من المرحلة الانتقالية إلى عصر ما بعد النفط، الأمر الذي أدّى إلى انتشار حالة من القلق والترقّب بين الأوساط الاجتماعية والمؤسّسية حيال التأثير المباشر وغير المباشر لهذه التغييرات الاقتصادية على القطاعات الرئيسة المختلفة، لا سيّما القطاع العقاري الذي يعتبر من القطاعات الأكثر تأثّراً بالتقلّبات الاقتصادية العالمية لما له من صلة مباشرة على المستوى الاستثماري والاقتصادي وكذلك الاجتماعي.

وإذا ما أخذنا على سبيل المثال دولة الإمارات العربية المتّحدة ودبي تحديداً، نجد أن حركة الاستثمار العقاري في السوق المحلية تشهد حالة من الاستتباب في الوقت الراهن، وذلك مرده في المقام الأوّل إلى التكهّنات السائدة بشأن الوضع الاقتصادي للدولة وعزوف العديد من المستثمرين عن ضخ الأموال أو الدخول في مشاريع جديدة تخوّفاً من تداعيات التراجع الأخير في أسعار النفط. ولكن تبقى هذه التكهّنات والتحليلات مجرد أقاويل لا تمت إلى الواقع الحقيقي بصلة، بل إنّها مجرد مطالعات عقيمة كان لها عظيم الأثر في تضليل أصحاب المصالح بشأن الوضع الاقتصادي المتين لدولة الإمارات التي تُعد من أكبر الاقتصادات المتقدّمة في المنطقة العربية.

ومن هنا، يمكن القول أن ما يواجه قطاع الاستثمار العقاري من تحدّيات وعقبات في الفترة الأخيرة هو نتيجة عوامل نفسية وسيكولوجية أكثر منها عوامل اقتصادية، إذ تتفرّد دولة الإمارات بمقوّمات وإمكانات قويّة تعزّز قدرتها التنافسية على التصدّي للتقلّبات الاقتصادية العالمية ومواصلة مسيرتها الطموحة نحو تحقيق التنمية الشاملة والتحوّل إلى اقتصاد قائم على المعرفة والتنوّع.

ولعلّ أبرز هذه المقوّمات تتمثّل في الموقع الجغرافي الاستراتيجي للدولة كبوابة رئيسة تربط بين الدول الآسيوية والأفريقية والأوروبية، والبنية التحتية المتطوّرة للقطاعات كافة وخاصةً قطاعات الطاقة والنقل والمواصلات والاتّصالات والبناء والتشييد، فضلاً عن التسهيلات والحوافز الاستثمارية المتميّزة التي تقدّمها الدولة كتوفّر السيولة المالية المتينة وبرامج الائتمان العقاري والسداد الميسّر التي تشمل جميع الفئات الاستثمارية، في ضوء القرارات الجديدة التي أقرّها المصرف المركزي بشأن قروض الرهن العقاري. وهذا ما يسوقنا إلى الإشادة بالبنية التشريعية والقانونية والتنظيمية المتينة للقطاع العقاري التي تعد مكوّناً أساسياً يفتح شهية المستثمرين على الشراء في السوق المحلية.

 

هذا بالإضافة إلى الارتفاع الملحوظ في العائد على الاستثمار العقاري، الأمر الذي يوفّر بيئة مثالية ومواتية للمستثمرين المحليين والأجانب لتوسيع نطاق أعمالهم في السوق المحلية. وعند الحديث عن سوق العقارات في دولة الإمارات ودبي تحديداً، لا بد من الإشارة إلى المستوى العالي من المرونة والشفافية التي يتّسم بها هذا القطاع والتي تعدّ من المقوّمات الرئيسة أيضاً التي تجذب أصحاب المصالح ورؤوس الأموال إلى السوق المحلية. ويأتي ذلك من منطلق أن عامل الشفافية والمصداقية هو الأهم لضمان النمو المستدام في سوق العقارات، حيث أن المستثمرين يضعون ثقتهم دوماً في الأسواق التي تتمتّع بمستويات عالية من الشفافية. وتدرك دبي أهمية ذلك وهو ما يتجلّى في السياسات والخطط والأنظمة المتعدّدة التي تنتهجها لضمان الارتقاء المستمر في معدّلات الشفافية والتي آتت ثمارها في تصدّر الإمارة المركز الأوّل على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

ولا يفوتنا الحديث أيضاً عن الاستعدادات الجارية لاستضافة المعرض الدولي “إكسبو دبي 2020” الذي من المتوقّع أن يستقطب ما يزيد على 25 مليون زائر من مختلف أرجاء العالم وتوفير فرص عمل هائلة، وهو ما من شأنه أن يشكّل دفعةً قويةً لقطاع الاستثمار العقاري في مدينة دبي التي تتغنّى بأسلوب الحياة الفاخر ومستوى المعيشة العالي. ويدعم ذلك جملة المشروعات العقارية الضخمة وعالمية المستوى التي تحتضنها دبي، منها  المشروع الضخم متعدّد الاستخدامات “فالكن سيتي أوف وندرز” الذي يمتد على مساحة 41 مليون قدم مربّع. ويكتسب هذا المشروع أهميةً كبيرةً كونه يمنح المستثمرين المحليين والدوليين فرصةً ممتازةً للاستثمار الآمن في محفظة واسعة من العقارات متعدّدة الاستخدامات التي تتضمّن الفلل السكنية الراقية ذات المواصفات العالمية والمرافق التجارية المتنوّعة، بالإضافة إلى العقارات الترفيهية المصمّمة وفق أعلى المعايير الدولية. هذا كلّه وما زال لدينا ما يُقارب 85 بالمائة قيد التطوير و50 عاماً أمامنا على الأقل من التطوير الواعد على هذه الأرض الخصبة للاستثمارات.